لماذا اعتقل النائب رياض سيف
سورية الحرة
28.12.2003
اعتقل عضو مجلس الشعب النائب رياض سيف، وحوكم في محاكم أمنية وحُكم.. لماذا ؟! لأنه حاول أن يوقف عنفة الفساد التي تدور بعرق المواطن وجهده ودمه..
رسالة رياض سيف إلى أبناء شعبه لا يجوز أن تغيب. مواعظ المتكفكفين في مواقعهم يجب أن تحسم. أنا وأنت نعرف لماذا اعتقل رياض سيف علينا أن ننجز موقفاً من اعتقاله..
التقرير التالي الذي ننقله من كتاب (حقوق الإنسان والديموقراطية في سورية) الصادر عن اللجنة العربية لحقوق الإنسان.. يضع الحقائق بين يديك. ويترك لك انجاز الموقف الذي تختار.
رياض سيف
عقد الخليوي يضيع 400 مليار ليرة على الدولة السورية
قدم بتاريخ 14/8/2001ـ عضو مجلس الشعب المستقل السيد رياض سيف، مذكرة من 30 صفحة إلى رئيس مجلس الشعب والـ 59 عضو في لجنتي الخدمات والقوانين المالية، حول عقد مشروع الهاتف الخليوي الذي يُضيّع بصورته الحالية على خزينة الدولة خلال الخمس عشرة سنة المقبلة ما يقارب 400 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 8 مليارات دولار. بالإضافة إلى ما تحققه الشركتان المتعاقدتان من أرباح احتكارية غير مشروعة وصافية تتراوح ما بين 200 ـ 300 مليار ليرة (4 ـ 6 مليارات دولار). ولكي نوضح ما تعنيه هذه الأرقام الهائلة لمن لا يعرف، حيث أن مبلغ 200 مليار ليرة يعادل مجموع كتلة الرواتب والأجور والتعويضات لجميع العاملين في وزارات العدل والتعليم العالي والتربية والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل. والذين يعيلون ما يقارب المليون مواطن سوري على مدى خمسة عشر عاماً. أي أنها تساوي مجموع رواتب 220 ألف موظف عصامي في الدولة بخمسة آلاف ليرة شهرياً على مدى خمسة عشر عاماً كاملة. وأكد سيف في مذكرته على أن في ذلك مخالفة دستورية، حيث أن العملية برمتها (هي صفقة احتكارية تتيح لأصحابها الانفراد بسوق الخليوي في سورية لسبع سنوات كاملة سنعاني خلالها كل مساوئ الاحتكار).
ظهر ذلك منذ البداية من خلال عقود الإذعان التي فرضت على المشتركين، إضافة إلى سوء الخدمة الناتج عن عدم امتلاك الشركتين المتعاقدتين للخبرة الضرورية وعدم اكتراثهما بشكاوى المشتركين الذين لا خيار لهم بسبب عدم وجود بديل منافس. لكن الأمر الذي لا يقل خطورة (هو تحديد سقف عدد الخطوط بـ 1.7 مليون حتى العام 2008، أي لحين دخول مستثمر ثالث. بينما تؤكد التقديرات أن حاجة سورية الطبيعية في ذلك العام ستصل إلى 6 ملايين خط إذا أردنا لسورية أن تصل إلى مستوى مثيلاتها في الدول النامية). أي أن يصبح عدد خطوط الهاتف الخليوي ما يعادل 30 في المائة من عدد السكان.
هذا العقد تم توقيعه، حسب النائب، مع شركتين أجنبيتين (سرياتيل وسبيستل أو انفسكتوم) محدودتي المسؤولية رأسمال كل منهما 50 ألف دولار، تعودان إلى جهة واحدة، حيث واحدة منهما سجلت قبل أربعة أيام من تاريخ إعلان عطاء مشروع الخليوي. وهما قيد التأسيس ولا تملكان أية خبرة في هذا المجال ولم تأخذا الصفة القانونية حتى الآن. تم تسجيل الشركتين في جزر العذراء البريطانية التي تسمى جنة الضرائب، حيث لا تدفع الشركات المسجلة فيها إلا الرسم مقابل العنوان. لذا فهي تستقطب تلك الشركات الهاربة من الضرائب وشركات غسل الأموال.
جاءت دراسته حسب ما يقول كمساهمة في إغناء ما تقوم به لجان المجلس من دراسة حول ما يتعلق بعقود الهاتف الخليوي بناء على تكليف المجلس. وقد استعان في إعدادها بما لديه من وثائق، وبمساعدة عدد من المختصين في هذا المجال والمهتمين بالشأن العام. حيث يعتبر خطوته هذه أمانة الواجب كعضو في مجلس الشعب، بعد أن تولدت لديه قناعة بما يمكن أن يسببه تنفيذ تلك العقود من أضرار بالغة على الوطن والمواطنين. ويستند على حقه كعضو في مجلس الشعب وكمواطن، بالمطالبة بإزالة كل أنواع التعتيم والسرية عن موضوع اقتصادي تنموي اجتماعي بحت. وحيث لا يحق لأحد أن يحتفظ لنفسه بأية معلومات يمكن أن تساعد في رسم صورة واضحة لهذا الموضوع تمكن المجلس من اتخاذ الإجراءات بما يحقق المصلحة الوطنية.
تبين الدراسة، كما يقول النائب، حرص مؤسسة الاتصالات على إخراج الصفقة بتعتيم كامل منذ البدء بنسج خيوطها الأولى عام 1999، وحتى نجاحها في توقيع عقدين مجحفين يلحقان أضراراً بالغة بالمصلحة العامة بتاريخ 12/2/2001. وبسبب ما أثير من شكوك وتساؤلات في مجلس الشعب حولها، وما رافقه من تذمر شديد لدى المشتركين من غلاء الأسعار وسوء الخدمة، وتزامن ذلك مع فضيحة عقود الـ BOT في لبنان اضطرت الحكومة لإعادة الموضوع إلى مجلس الشعب. إثر إحالته على اللجان الدائمة في مجلس الشعب واستلام الوثائق الخاصة به وبعد الاستماع إلى وجهة نظر مدير مؤسسة الاتصالات، تكشفت الكثير من ملابسات الصفقة وتحول الشك إلى يقين.
في وصفه للعقود التجريبية التي استمرت لعام كامل يقول: إن هذه البدعة شكلت المقدمة لعملية احتكار العقود النهائية وتفصيلها على قياس المستفيد. كما وحرصت إدارة المؤسسة على إتمام كل الترتيبات لصالح الشركتين التجريبيتين دون الحاجة إلى إعلان مناقصة، حيث نجحت في انتزاع موافقة رئيس مجلس الوزراء السابق بتاريخ 26/4/1999 على السماح بإدخال التجهيزات التي ستقدم على سبيل الإعارة والتجريب إدخالاً مؤقتاً لمدة عام ينتهي في 14/2/2001. ورغم طول الفترة المتاحة، عمدت المؤسسة إلى إضاعة الوقت حتى 8/7/2000 حيث أعلنت عن مناقصة شكلية بالسرعة الكلية. ثم استمرت بإضاعة مزيد من الوقت لتوقع العقود الدائمة قبل يومين فقط من انتهاء السنة التجريبية، ما يقطع الطريق على المنافسين. وحرصاً من المؤسسة على مصلحة المتعاقد، احتفظت له بـ 31 ألف خط، ليستثمرها فور انتهاء المدة التجريبية، أي بعد يومين من توقيعه للعقود الدائمة. كما وأعفت المستثمر من دفع 100 مليار ليرة على الأقل كدفعة مقدمة قياساً بما حصلت عليه الدول الأخرى في نفس فترة التعاقد، متيحة له استغلال كوادر المؤسسة وبنيتها التحتية بعيداً عن أي آلية فاعلة للمراقبة. وذكر سيف إنه تم التلاعب بالأرقام بما يخدم هدف المؤسسة المتمثل بإقناع الحكومة بضرورة تنازل المؤسسة عن تشغيل هذا المشروع لصالح أصحاب العقود.
فقد جاءت العقود الدائمة، كما قال، ثمرة للجهود والترتيبات بين إدارة المؤسسة وبعض أعضاء الحكومة والمستفيد من العقود، حيث روعي فيها الحرص الشديد على مصلحة المتعاقد وزيادة أرباحه، وتحميل المؤسسة ما أمكن من النفقات المترتبة عليه. كما سعت العقود إلى توفير كل الضمانات اللازمة لاستمرار تمتع المتعاقد بتلك العقود لفترة خمس عشرة سنة كاملة، وتحصينه ضد أية محاولات لفسخ العقود أو تعديلها طيلة فترة التعاقد. ونجحت المؤسسة في إتمام تلك العقود بتعتيم كامل بعيداً عن أي رقابة بما في ذلك رقابة مجلس الشعب. ثم تم إخراج المناقصة بشكل هزلي، حيث نشر الإعلان عنها في الجريدة الرسمية وبالسرعة الكلية بتاريخ 15/7/2000 لينتهي تقديم العروض في 16/8/2000. أي أن المدة المتاحة هي (31) يوماً فقط لمثل هذا المشروع التقني الضخم والذي تتطلب إعداد دراسته الفنية والمالية عدة شهور. وتم توقيت الإعلان في فترة الإجازات الصيفية في العالم، وإضاعة مزيد من الوقت في عمليتي تمديد تجميليتين، من جملة أشياء أخرى.
قدرت المؤسسة مبلغ الرسوم الجمركية بـ 5 مليارات ليرة، حسب ما يذهب إليه النائب، لكن رئيس مجلس الوزراء (محمد مصطفى ميرو) وافق بكتاب خطي تاريخ 4/3/2001 على السماح بإدخال جميع التجهيزات إدخالاً مؤقتاً ريثما يتم تسوية الوضع بعد تسجيل الشركات المشغلة. وتؤكد المعلومات أن إدخال التجهيزات لم يخضع للكشوفات الأصولية والتدقيق، سواء من جانب المؤسسة أو السلطات الجمركية. مما يعيق عملية مطابقتها في السعر والمواصفة والتأكد من كونها جديدة وغير مجددة. وينتهي بالقول أنه تضمنت توصيات اللجنة الوزارية بتاريخ 24/2/2000، كما تضمن دفتر شروط المناقصة، أن يتم تحويل عائدات المتعاقد عن طريق شراء سلع ومنتجات محلية يتم تصديرها للخارج، بينما تم إغفال هذا الشرط في العقود.