منعكسات زراعة وتصنيع القطن السوري على الاقتصاد الوطني وتأثره باستيراد الخيوط الصنعية
الجمهورية العربية السورية
مجلس الشعب
يعتبر القطن أحد المنتجات الاستراتيجية عالمياً، بسبب محدودية الكميات المنتجة سنوياً حيث تتطلب زراعته شروطاً مناخية محددة لا تتوفر إلا في بعض المناطق في العالم. وتمتلك سورية أحد المناخات المثالية لزراعة القطن من الأنواع المطلوبة في سوقنا المحلي وفي الأسواق العالمية.
ولذلك من المفترض أن تشكل زراعة القطن عاملاً هاماً في قوة الاقتصاد السوري فيما لو اتبعت في زراعته أساليب الري الحديثة وتم استخدامه كميزة نسبية للصناعات النسيجية والتي يمكن أن تساهم بتوفير قيم مضافة مرتفعة وتوفر أعداداً كبيرة من فرص العمل وتساهم في رفع قيمة الصادرات عن طريق تصدير الملابس القطنية الجاهزة.
لكن وبكل أسف، فإن الدراسة الشاملة لتجربتنا على مدى السنين الماضية في زراعة وتصنيع القطن تُظهر مدى الأضرار الكبيرة التي تكبدتها بيئتنا والخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد الوطني نتيجة ما تم ارتكابه من أخطاء فادحة. ففي الزراعة ونتيجة استعمال الري بالتعويم، ساهمت زراعة القطن باستنزاف مياهنا الجوفية مما أثر سلباً على تدفق الكثير من الينابيع وجفاف بعضها والتي كان أخطرها جفاف منابع الخابور. كما أدت هذه الزراعة الجائرة للقطن إلى تملح مساحات شاسعة من أراضينا الخصبة وخروجها من الاستثمار، وكذلك تغدق مساحات شاسعة أخرى، مما جعل الأضرار الناتجة عن زراعة القطن على مدى العشرين سنة الماضية أكبر بكثير مما جنيناه من بيع محصول القطن. وأما في مرحلة تصنيع القطن فإن ما ارتكبناه من أخطاء حوّلت توفر مادة القطن الخام في سورية من ميزة نسبية للصناعات النسيجية السورية إلى مصدر إعاقة جعل هذه الصناعة تتراجع بشكل كبير وتتسبب بتحميل خزينة الدولة خسائر فادحة. وما زالت الصناعات النسيجية القطنية تتخبط وتتراجع وتسبب المزيد من الخسائر على الرغم من أن استثمارات كبيرة تزيد عن (30) مليار ل.س قد وظفت من المال العام لمشاريع جديدة ومشاريع الاستبدال والتجديد في المعامل القديمة.
وبعد أن تكبدنا تلك الخسائر الفادحة في زراعة القطن وتصنيعه لم يجد مرتكبي تلك الأخطاء تبريراً لاخفاقاتهم إلا بتحميل الخيوط الصنعية المستوردة مسؤولية تعثر وتدهور الصناعات النسيجية القطنية وتراكم المخازين في المؤسسة العامة النسيجية مما برر إقدام الحكومة على وضع العراقيل تلو الأخرى في وجه استيراد الخيوط الصنعية والتي كان آخرها قرار الحكومة بمضاعفة رسومها الجمركية، علماً أن كل تلك العراقيل منذ البداية وحتى القرار الأخير إنما كانت تُتخذ لحساب عدد قليل ممن أقاموا منشآت جديدة في السنين الأخيرة لتصنيع بعض أنواع الخيوط الصنعية حيث أن تلك المصانع تستطيع زيادة أسعارها كلما ازدادت أعباء استيراد الخيوط المماثلة لمنتجاتها، كل ذلك على حساب تدهور مجمل الصناعات النسيجية للأقمشة والملابس التي تعتمد بمادتها الأولية على الخيوط الصنعية مما انعكس على فقدانها القدرة على المنافسة في الأسواق التصديرية وارتفاع أسعار منتجاتها المعدة للاستهلاك المحلي.
وكي لا يبقى حديثنا عاماً وغير مقترن بالأرقام والوثائق، فإني أقدم هذه الدراسة التفصيلية التي تتضمن النقاط الثلاث التالية:
نها لا تنتج القطن مصدراً رئيسياً أنهاأولاً – زراعة القطن في سورية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني والبيئة.
ثانياً – الصناعات النسيجية القطنية التي باتت عبئاً على الخزينة والمستهلك.
ثالثاً – عرقلة استيراد الخيوط الصنعية وآثاره السلبية على تطور الصناعات النسيجية وتوضيح من هو الرابح ومن هو الخاسر في هذه المعادلة.
إن كل ما سيرد من أرقام في الدراسة هو من مصادر محلية، تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، نظراً لصعوبة الحصول على الأرقام الحقيقية بشكل رسمي، ولذلك من المحتمل أن ترد بعض الأرقام غير الدقيقة تماماً. ونتمنى ممن يشكك فيها أن يقدم لنا الأرقام الدقيقة لنعيد الحساب ونكون أقرب إلى الحقيقة إذا كانت غايتنا جميعاً الوقوف عليها. وأرجو أن تكون هذه الدراسة بعد تدقيقها مثالاً يحرضنا على إعادة تقييم كل نشاطاتنا الاقتصادية انطلاقاً مما تقدمه من فائدة لاقتصادنا الوطني وانعكاساتها على المجتمع والبيئة بعيداً عن الشعارات التضليلية.
أولاً – زراعة القطن في سورية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني والبيئة:
حتى عام 1998، كنت كغيري من المواطنين أشعر بالفرح والاعتزاز كلما ظهرت أرقام جديدة عن زيادة إنتاجنا من القطن باعتبار أن خيرات ذلك الإنتاج الوفير سوف تسعد الفلاحين وتزيد من واردات خزينة الدولة. في أيار من ذلك العام شاهدت فيلماً وثائقياً عن تحول مناطق شاسعة في آسيا الوسطى من أراضٍ زراعية خصبة إلى صحراء قاحلة. وعزا التقرير ذلك إلى زراعة تلك الأراضي بالقطن على مدى سنين طويلة. وبدأت أستعيد بعض ما سمعته عن أراضي منطقة السلمية الخصبة وبساتينها المشهورة وكيف تحولت إلى صحراء قاحلة نتيجة الزراعة الجائرة للقطن. كما تذكرت الأطلال التي رأيتها لمزارع وبيوت ريفية في منطقة السهول الممتدة في عدرا والرمدان والضمير، والتي تحولت أيضاً إلى صحراء قاحلة لنفس السبب، حيث نشطت في النصف الثاني من الأربعينات وطيلة الخمسينات زراعة القطن الذي كان يروى من مياه الآبار. وحدثني أحد أصحاب تلك المزارع المهجورة أنه في بداية الخمسينات كانت المياه الباطنية على بعد بضعة أمتار من سطح الأرض، ثم بدأت تغور سنة بعد سنة وتزداد ملوحتها. وكانت النتيجة في النهاية التصحر الكامل.
في ذلك العام كانت الصحف المحلية تتسابق في كيل المديح للحكومة على إنجازاتها في مجال الزراعة، وخاصة زراعة القطن. حيث كان من المتوقع أن يتجاوز محصول القطن المليون طن، بعد أن كان (351) ألف طن[1] عام 1987.
لقد دفعني قلقي على مستقبل مياهنا الجوفية وأراضينا الزراعية إلى البحث عن حقائق الأمور، وكنت كلما اقتربت أكثر من الحقيقة ازداد خوفي من مخاطر ما يُرتكب من أخطاء وحماقات في زراعة القطن، فبادرت لجمع ما استطعت من معلومات مستعيناً ببعض الدراسات التي قامت بها وزارتي الزراعة والري والتي أوصلتني إلى النتائج التالية:
*إن كل (1) كغ من القطن المحلوج يستهلك ما بين (11-13) مكعب من المياه تبعاً لارتفاع درجات الحرارة.
*إن مجموع ما تم استهلاكه من المياه لزراعة القطن عام 1997 بلغ (3.590) مليار متر مكعب، وارتفع في عام 1998 إلى (3.9) مليار متر مكعب.
*بلغت كمية المياه الجوفية المستنزفة والغير قابلة للتجدد (4.87) مليار متر مكعب عام 1996، وأن هذا الاستنزاف استمر على مدى العقدين الأخيرين مما أدى إلى الانخفاض الشديد في مناسيب المياه الجوفية وزيادة ملوحتها والانخفاض في تدفق الينابيع وجفاف بعضها والتي كان أخطرها جفاف منابع الخابور التي تعتبر كارثة بيئية خطيرة تنذر بالشؤم إذا لم نعيد النظر بالطرق المستعملة في الري والزراعة.
*المساهمة بتملح وتغدق مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة في منطقة الفرات، وهذا ما أكده تقرير نشرته جريدة الثورة في 9/6/99 بقوله: “بدأت مشكلة تملح الأراضي في سورية منذ بداية الخمسينات مع إدخال زراعة القطن المروية، ومن ثم التوسع الكبير في ري واستصلاح الأراضي، وتشير الدراسات المنفذة في مناطق مشاريع الفرات إلى أن أكثر من (200) ألف هكتار من الأراضي المروية قد أصابها التملح، وأن ما يزيد عن (52) ألف هكتار قد خرجت من الاستثمار الزراعي بشكل كامل، وثمة مساحات مهمة قوامها (600) ألف هكتار من الأراضي المروية في سورية تتأثر بالملوحة والتغدق”.
*على الرغم من الحصة الكبيرة التي تخصص في الموازنة للزراعة والري واستصلاح الاراضي على مدى العقدين الماضيين فإن مجموع المساحات التي تحولت إلى أراضي مروية عدا التي تروى من مياه الآبار هي أقل من المساحات التي خرجت من الاستثمار بسبب التملح أو تلك التي في طريقها إلى نفس المصير والتي تعاني من التملح أو التغدق أو الاثنان معاً أي أن كل ما انفق من أموال طائلة في الزراعة والري قد ذهب هباء ولم يحقق الفائدة التي صرف من أجلها.
مما تقدم، يجب أن لا نظن أن زراعة القطن خاسرة ومخربة للبيئة بالضرورة، بل إنه بكل تأكيد يمكن أن تكون ثروة وطنية ذات أهمية كبيرة إذا انتقلنا من طريقة الري بالتعويم إلى طريق الري بالتنقيط لمجمل انتاجنا من القطن.
بتاريخ 25/5/1999 قدمت دراسة عن الجدوى الاقتصادية الوطنية للقطن السوري عند تطبيق أسلوب الري بالتنقيط خلصت فيها إلى النتائج التالية كما يبين الجدول رقم (1):
جدول (1) مقارنة لإنتاج 923000 طن من القطن المحبوب
البيـــــــان | طريقة الري التقليديـــة | طريقة الري بالتنقيـــط |
مساحة الأراضي اللازمة | 285000 هكتار | 201000 هكتار |
كميات المياه اللازمة للري | 4.093 مليار م3 | 1.298 مليار م3 |
استهلاك 1 كغ من القطن من المياه | 13.64 م3 | 4.33 م3 |
تكلفة الهكتار المروي من الآبار بعمق 100 م | 92668 ل .س | 79697 ل .س |
كلفة1 كغ من القطن المحبوب | 28.61 ل.س | 17.36 ل .س |
*لانتاج كمية (923) ألف طن من القطن المحبوب باستعمال الري بالتنقيط يمكن توفير 84 ألف هكتار من مساحة الارض اللازمة لذلك.
*توفير ثلثي المياه اللازمة للري.
*توفير ثلثي كميات الاسمدة اللازمة.
*توفير نسبة مرتفعة جداً من البذور.
*خفض كلفة انتاج 1كغ من القطن المحبوب بما يزيد عن عشرة ليرات سورية.
وبعد مرور خمسة عشر شهراً على دراستي تلك، نشرت جريدة البعث بتاريخ ( ) بعض النتائج التي توصل إليها قسم البحوث والدراسات في مديرية الري في وزارة الزراعة عن مقارنة نتائج زراعة القطن بين الري بالتنقيط والري التقليدي كما هو مبين في الجداول (2،3،4) لتؤكد ما جاء في دراستي المذكورة. ويبين تحليل أرقام تلك الجداول النتائج التالية:
جدول (2) يبين استهلاك القطن للمياه
المردود كغ/هكتار | كمية إنتاج 275 ألف هكتار (ألف طن) | استهلاك المياه م3/هكتار | المياه اللازمة لري 275 ألف هكتار (مليار م3) | استهلاك المياه م3/كغ قطن محبوب | استهلاك المياه م3/كغ قطن محلوج | |
الري بالتعويم | 3240 | 891 | 14362 | 3,949 | 4,4 | 13,8 |
الري بالتنقيط | 4590 | 1262 | 6460 | 1,776 | 1,4 | 4,4 |
جدول (3) ربح كل هكتار مزروع بالقطن حسب طريقة الري
مياه أنهار | آبار عمق 50 متر | عمق 100 | عمق 200 | |
الري بالتعويم | 58044 | 49139 | 36932 | 11798 |
الري بالتنقيط | 113876 | 109548 | 103863 | 92622 |
جدول (4) مجموع الأرباح الصافية لزراعة 275 ألف هكتار بالقطن تبعاً لطريقة الري/مليار ل.س
مياه أنهار | آبار عمق 50 متر | عمق 100 | عمق 200 | |
الري بالتعويم | 15,962 | 13,513 | 10,156 | 3,244 |
الري بالتنقيط | 31,315 | 30,126 | 28,562 | 25,471 |
المال الضائع | 15,353 | 16,613 | 18,406 | 22,227 |
يبين الجدول (2) أن كل واحد كغ من القطن المحلوج يستهلك عند الري بالتعويم (13,8) م3 من المياه. بينما يمكننا توفير ما يقارب ثلثي هذه الكمية إذا انتقلنا إلى الري بالتنقيط حيث لا يستهلك الكغ المحلوج سوى (4,4) م3 وبذلك يمكننا أن ننتج نفس الكميات الحالية من القطن دون أن نستنزف مياهنا الجوفية ونجفف آبارنا. وإن الخسارة التي لا تقل أهمية عن استنزاف المياه عند الري بالتعويم هي تمليح الأراضي وتغدقها حيث أن الري بالتنقيط يضمن عدم التملح مهما تكررت زراعة القطن، ويحمينا من خطر التصحر الذي داهم سهول السلمية والرمدان كما ذكرنا سابقاً، ويوفر نسبة كبيرة من البذار والسماد المستعمل والطاقة المستهلكة في ضخ المياه مما يخفض بشكل كبير تكلفة زراعة الهكتار.
يبين الجدول (3):
*أن ربح الهكتار يتناقص بشكل كبير كلما ازداد عمق مياه الآبار نتيجة التكلفة المرتفعة للمحروقات اللازمة لضخ تلك المياه، وإذا أضفنا الدعم الذي تقدمه الدولة في سعر المازوت فإن ربح الهكتار عند السقي من بئر على عمق 200 متر يصبح سالباً أي تصبح الزراعة خاسرة تماماً حتى قبل حساب كلفة المياه والأضرار الناتجة عن تملح الأراضي.
*أن زراعة القطن تصبح رابحة جداً عند استعمال الري بالتنقيط ومن آبار لا يزيد عمقها عن خمسين متر حيث يصل ربح الهكتار سنوياً إلى حوالي 110 آلاف ليرة سورية وإذا قارنا ربح نفس الهكتار عند الري بالتعويم والذي لا يزيد عن 50 ألف ليرة فإن زيادة الربح الناتجة عن التحول للري بالتنقيط هي 60 ألف ليرة سورية في السنة الواحدة وتعادل كلفة تمديد شبكة الري بالتنقيط للهكتار أي أننا بسنة واحدة نستطيع تغطية تكاليف شبكات الري بالتنقيط من الأرباح الزائدة، وتتحول هذه الأرباح الإضافية في السنين التالية إلى خير وفير ينعم به الفلاحون ويخلص الخزينة من العبء الذي تتحمله في دعم أسعار القطن في السنين التي تنخفض فيها الأسعار العالمية.
ـيبين الجدول رقم (4):
*أن زراعة القطن في سورية يمكن أن تكون رابحة بشكل كبير فإذا تم تخصيص 275 ألف هكتار لزراعة القطن التي تروى بالتنقيط حصراً ومن آبار لا يزيد عمقها عن خمسين متر فإنه بلإمكاننا انتاج (1.262) مليون طن من القطن المحبوب وتحقيق أرباح صافية تزيد عن (30) مليار ل.س دون استنزاف المياه الجوفية أي الاكتفاء بكميات المياه القابلة للتجدد بالإضافة إلى مياه الأنهار.
جدول رقم (5) يبين الأرباح الصافية لمؤسسة حلج الأقطان
العام | انتاج محبوب ألف طن | سعر شراء 1كغ محبوب من الفلاحين | قيمة انتاج سنوي للفلاحين | الانتاج السنوي محلوج ألف طن | سعر الكغ تصدير $ | قيمة المحلوج بالسعر العالمي مليون $ | قيمة البذور بسعر 0.15للكغ مليون $ | عائدات مبيع المحصول | ربح مؤسسة حلج الاقطان | ربح الكغ بـ سنت | كلفة الحلج | |
مليار ل.س | مليون $ | |||||||||||
85 | 452 | 3.71 | 1.676 | 111.8 | 149.16 | 1.026 | 153.03 | 43.39 | 196.43 | 81.01 | 17.9 | 3.616 |
86 | 361 | 4.12 | 1.487 | 74.4 | 119.13 | 1.28 | 152.48 | 34.65 | 187.14 | 109.85 | 30.4 | 2.888 |
87 | 288 | 5.81 | 1.673 | 59.8 | 95.05 | 1.47 | 139.70 | 27.64 | 167.35 | 105.25 | 36.5 | 2.304 |
88 | 350 | 9.32 | 3.262 | 81.5 | 115.5 | 1.45 | 167.47 | 33.6 | 201.07 | 116.77 | 33.4 | 2.8 |
89 | 376 | 13.32 | 5.008 | 108.9 | 124.08 | 1.85 | 229.54 | 36.09 | 265.64 | 153.73 | 40.89 | 3.008 |
90 | 420 | 18.14 | 7.619 | 158.7 | 138.6 | 1.64 | 227.30 | 40.32 | 267.62 | 105.56 | 25.13 | 3.36 |
91 | 531 | 18.13 | 9.301 | 189.8 | 175.23 | 1.31 | 229.55 | 50.97 | 280.52 | 86.47 | 16.29 | 4.248 |
92 | 667 | 19.33 | 12.893 | 257.8 | 220.11 | 1.06 | 233.31 | 64.03 | 297.34 | 34.21 | 51.29 | 5.336 |
93 | 614 | 20.18 | 12.390 | 242.9 | 202.62 | 1.2 | 243.14 | 58.94 | 302.08 | 54.27 | 88.39 | 4.912 |
94 | 502 | 23.23 | 11.661 | 233.2 | 165.66 | 1.85 | 306.47 | 48.19 | 354.66 | 117.44 | 23.40 | 4.016 |
95 | 557 | 26.74 | 14.894 | 292 | 183.81 | 1.83 | 336.37 | 53.47 | 389.84 | 93.38 | 16.77 | 4.456 |
96 | 728 | 28.44 | 20.704 | 406 | 240.24 | 1.60 | 384.38 | 69.88 | 454.27 | 42.44 | 5.83 | 5.824 |
97 | 1012 | 28.05 | 28.387 | 556.6 | 333.96 | 1.43 | 477.56 | 97.15 | 574.71 | 10.01 | 0.09 | 8.096 |
98 | 981 | 29.19 | 28.635 | 561.5 | 323.73 | 1.22 | 394.95 | 94.17 | 489.12 | -80.22 | 7.848 | |
99 | 893 | 29.29 | 26.156 | 512.9 | 294.69 | 1 | 294.69 | 84.4 | 379.09 | -140.95 | 7.144 | |
مج | 8732 | 185.74 | 3847.8 | 2881.6 | 3970.0 | 836.9 | 4806.9 | 889.29 | 2.62 |
*بلغ مجموع إنتاج القطن المحلوج للفترة 1985-1999 (2.881) مليار كغ.
*تقدر مجموع كمية المياه المستهلكة لإنتاج القطن بين الأعوام 1985 – 1999 (33) مليار متر مكعب.
*في عام 1983 وضعت وزارة الري دراسة تفصيلية عن ميزات الري بالتنقيط ولو أن هذه الدراسة اعتمدت في عام 1983 وتم تحويل سقاية القطن إلى الري بالتنقيط ابتداء من عام 1985 لتم توفير أكثر من عشرين مليار متر مكعب من المياه لزراعة نفس الكميات من الاقطان.
*إن مقولة دعم الفلاحين باعطائهم سعر تشجيعي للقطن هي غير صحيحة إذا تم اعتماد الاسعار العالمية في كل عمليات الشراء من الفلاحين وبيع المنتج سواء للتصدير أو السوق المحلية، وإن ما يظهر من خسائر في مؤسسة حلج الاقطان يرجع إلى سببين: السبب الأول بيع القطن المحلوج للمؤسسة العامة النسيجية بأسعار تقل كثيراً عن السعر العالمي طيلة الفترة من عام 1985 وحتى عام 1995، والسبب الثاني هو الفروقات الناتجة عن أسعار الصرف الغير حقيقية.
لو تمت حسابات مؤسسة حلج الأقطان بالأسعار العالمية والسعر الحقيقي للدولار لحققت المؤسسة في الفترة (85-1996) أرباحاً صافية تزيد عن مليار دولار أمريكي. في حين أن مجموع ما تم دفعه للفلاحين عن نفس الفترة كقيمة للإنتاج هو 2.2 مليار دولار أي أن نسبة أرباح المؤسسة تعادل أكثر من 40% مما تدفعه للمزارعين وهو ربح احتكاري.
لو طبق الري بالتنقيط ابتداء من عام 1985 لتم توفير ما يقارب عشرة ل.س عن كل كغ من القطن المحبوب بالأسعار الحالية أي ما يساوي 87.2 مليار ل.س.
جدول رقم (6) يبين خسائر مؤسسة حلج الأقطان من مبيعاتها للمؤسسة النسيجية
العام | $ رسمي | $ حقيقي | سعر التصدير بـ $ | بيع محلي معادل $ | نســبة بيع محلي | المبيع بـ ل.س عالمي | المبيع بـ ل.س محلي | استهلاك النسيجية ألف طن | خسارة المحالج مليون $ | خسارة المحالج مليون ل.س | فرق الكغ $ | فــرق الكغ ل.س |
85 | 3.9 | 15 | 1.026 | 0.67 | 65% | 15.39 | 9.98 | 60 | 23.4 | 355 | 0.36 | |
86 | 3.9 | 20 | 1.28 | 0.60 | 47% | 25.60 | 12.05 | 62 | 42.16 | 840 | 0.68 | |
87 | 11.20 | 28 | 1.47 | 0.61 | 41% | 41.16 | 17.20 | 69 | 59.32 | 1653 | 0.86 | |
88 | 11.20 | 40 | 1.45 | 0.64 | 44% | 58.00 | 25.51 | 56 | 45.36 | 1819 | 0.86 | |
89 | 11.20 | 46 | 1.85 | 0.79 | 43% | 85.10 | 36.36 | 57 | 60.42 | 2779 | 1.06 | |
90 | 42 | 48 | 1.64 | 1.05 | 64% | 78.72 | 50.39 | 49 | 28.91 | 1387 | 0.59 | |
91 | 42 | 49 | 1.31 | 1.13 | 86% | 64.19 | 55.41 | 52 | 9.36 | 458 | 0.18 | |
92 | 42 | 50 | 1.06 | 1.17 | 110% | 53.00 | 58.53 | 50 | 5.5 – | 275 – | 0.11- | |
93 | 42 | 51 | 1.20 | 1.13 | 94% | 61.20 | 57.90 | 46 | 3.22 | 164 | 0.07 | |
94 | 42 | 51 | 1.85 | 1.32 | 71% | 94.35 | 67.54 | 53 | 28.09 | 1432 | 0.53 | |
95 | 43.5 | 51 | 1.83 | 1.54 | 84% | 93.33 | 78.64 | 62 | 17.98 | 917 | 0.29 | |
96 | 46 | 51 | 1.60 | 1.72 | 107% | 81.60 | 87.64 | 76 | 9.12 – | 465 – | 0.12- | |
97 | 46 | 51 | 1.43 | 1.65 | 115% | 72.93 | 84.18 | 80 | 17.6 – | 867 – | 0.22- | |
98 | 46 | 51 | 1.22 | 1.70 | 139% | 62.22 | 86.56 | 86 | 41.28 – | 2105 – | 0.48- | |
99 | 46 | 51 | 1 | 1.70 | 170% | 51 | 86.56 | 102 | 71.40 – | 3641 – | 0.70- | |
مج |
يبين الجدول النقاط التالية:
*في الفترة من عام 1985 وحتى عام 1995 كانت مؤسسة حلج الأقطان تبيع القطن المحلوج للمؤسسة العامة النسيجية بأسعار تقل كثيراً عن ما تحصل عليه لصادراتها في نفس الفترة، وبلغت مجموع الفروقات في الأسعار (15.949) مليار ل.س مما جعل المؤسسة العامة النسيجية تبيع غزولها بأقل من الأسعار العالمية بفارق كبير.
*ابتداء من عام 1996 انقلب الوضع وأصبحت مؤسسة حلج الأقطان تبيع القطن الخام للمؤسسة العامة النسيجية بأعلى من السعر العالمي حتى وصل المبلغ الناتج عن زيادة الأسعار مقارنة بسعر التصدير إلى (7.109) مليار ل.س في السنين الأربعة من عام 1996 وحتى 1999 مما اضطر المؤسسة العامة النسيجية إلى بيع منتجاتها في السوق المحلي بأعلى من السعر العالمي وهذا أدى بدوره إلى تراكم المخازين في تلك الفترة.
مقترحات:
1 – تحرير تجارة القطن.
2 – إصدار قوانين تنظم استهلاك المياه في الزراعة ومنع استجرار أية كميات من المياه الجوفية غير القابلة للتعويض ووضع خطة مدتها عشرون عاماً لتعويض ما تم استنزافه أو حتى يعود مستوى المياه الجوفية إلى ما كان عليه عام 1980 مما يسمح بعودة تدفق الينابيع بالغزارة التي كانت عليها في تلك الفترة.
3 – إقامة صندوق خاص يقدم التسهيلات للفلاحين للانتقال بري جميع المزروعات الصيفية والأشجار المثمرة من الري التقليدي إلى الري بالأساليب الحديثة التي تتناسب مع كل نوع من المزروعات مع وضع رسم لاستهلاك المياه من الأنهار والآبار.
4 – منع ضخ المياه من الأعماق التي تزيد عن (50) م إلا في الحالات الطارئة تفادياً لاستنزاف المياه الجوفية من جهة وتوفيراً لما تقدمه الدولة من دعم للكهرباء والمحروقات من الجهة الأخرى.
5 – وضع الخطة الزراعية للمحاصيل الصيفية على أساس الري بالأساليب الحديثة وبما يتناسب مع كميات المياه القابلة للتجدد التي يمكن استخدامها في كل موسم على حدة دون المساس بالمياه الجوفية غير القابلة للتجدد.
6 – تبين الدراسات أن الانتقال إلى أساليب الري الحديثة سوف يخفض بشكل كبير تكاليف إنتاج القطن والشوندر السكري والذرة الصفراء والخضراوات والأشجار المثمرة ويزيد من كميات الإنتاج لنفس وحدة المساحة ويوقف استنزاف المياه الجوفية وتملح الأراضي وتغدقها ويوفر بشكل كبير الكميات المستخدمة من الأسمدة والبذور أي أنه بالحصول على كل تلك الميزات فإنه يمكننا أن نحرر خزينة الدولة من تحمل أية أعباء مالية في دعم تلك المنتجات الزراعية كما يوفر للفلاحين أرباحاً مجزية تساعدهم على تحسين وضعهم المعيشي بشكل كبير.
7 – وضع خطة لتصنيع الريف عبر استثمار الأموال التي كانت تهدر نتيجة تخلف أساليب الري والزراعة وذلك بإقامة المناطق الصناعية في أماكن تجمع السكان في الريف وبناء الحاضنات الصناعية وزيادة الاستثمار في التعليم الفني والمهني بغية تحويل العمالة الفائضة في الزراعة نحو الإنتاج الصناعي تنفيذاً لخطة تكثيف العمل الزراعي ورفع مردود الفرد من العاملين في الزراعة أسوة بالدول التي استطاعت تطوير زراعتها والحفاظ على حياة كريمة للعاملين في الزراعة على الرغم من ارتفاع مستوى المعيشة وتكاليف الإنتاج. ومن الممكن أن نأخذ كمثل ما حققته فرنسا خلال ال (30) سنة الماضية حيث استطاعت زيادة الناتج الزراعي إلى ثلاثة أضعاف في الوقت الذي انخفض فيه عدد العاملين في الزراعة من 27% من مجموع القوى العاملة إلى 3% فقط أي أنه أمكن رفع مردود كل عامل في الزراعة 27 ضعفاً خلال ثلاثين عاماً.
ثانياً – الصناعات النسيجية القطنية التي باتت عبئاً على الخزينة والمستهلك.
إن القطن كما نوهنا سابقاً، هو أحد المواد الأولية الاستراتيجية التي تتقلب أسعارها تبعاً للعرض والطلب على المستوى العالمي مثلها مثل القمح والسكر والنفط والمعادن وغيرها، أي أن أي دولة تستطيع الحصول على حاجتها من القطن الخام بالسعر العالمي مع إضافة بضع سنتات على كل كغ كأجور للشحن، مما يقلل بشكل كبير من اعتبار زراعة القطن في دولة ما ميزة تساعد على تقدم صناعاتها النسيجية القطنية.
أكدت الدراسة التي أجرتها وكالة “جايكا” اليابانية لصالح وزارة الصناعة ونشرت أواخر 1997 على أن عدم اعتماد السعر العالمي للأقطان والغزول أدى إلى إثراء فئة من التجار والصناعيين على حساب المؤسسة النسيجية ومؤسسة حلج الأقطان والمستهلك السوري كما أدى في السنين الأخيرة إلى تراكم المخازين عندما زادت الأسعار عن السعر العالمي.
إن إلزام المؤسسة العامة النسيجية باستجرار احتياجاتها من مؤسسة حلج الأقطان حصراً حرمها من حق الاستفادة من الخيارات التي تتوفر لشركات تصنيع الخيوط والأقمشة القطنية في الدول المنافسة، مما يجعل منتجات المؤسسة العامة النسيجية نمطية ومحدودة التشكيل لأنها على سبيل المثال لا تستطيع تصنيع الخيوط من النمر الرفيعة وأقمشة البوبلين الفاخرة بسبب نوعية القطن السوري المتوسط التيله (طول الشعيرات)، فمثلاً لا يصلح القطن السوري ذو الشعيرات المتوسطة الطول لتصنيع الخيوط الرفيعة التي تزيد نمرتها عن 32 أي أنه لا يمكن تصنيع أقمشة القمصان الخارجية مثلاً من هذه النمر إلا إذا مزجت بنسب مختلفة مع أقطان طويلة التيلة أو مع شعيرات البوليستر أو غيره لتصنيع أقمشة ممزوجة. ومن خلال زيارتي لعدد من معامل الغزل في تونس، وجدت أن كلاً منهم يستورد ما يناسبه من أنواع القطن الخام، وبما يمكنهم من إنتاج الأصناف المطلوبة في السوق ومنحهم القدرة على المنافسة.
المؤسسة العامة النسيجية:
منذ تأميم الشركات النسيجية وهذه المؤسسة تحتكر صناعة الغزول القطنية، بالاضافة إلى منع استيراد الخيوط المماثلة لإنتاجها، مما وفر عليها عناء المنافسة الداخلية والخارجية، وجعلها تهمل تطوير نفسها وتجديد آلاتها والحفاظ على جودة منتجاتها ومراقبة وضغط تكاليفها. وكانت النتيجة الطبيعية لهذا الاحتكار، هو أن المؤسسة راحت تتراجع منذ فترة ما بعد التأميم بما في ذلك المصانع التي بنيت بعد تلك الفترة حيث تدنت جودتها وارتفعت تكاليفها وانفكت العلاقة التي تربطها بالمستوى العالمي للسعر والجودة كنتيجة طبيعية لعدم وجود المنافسة.
في عام 1985، كانت المؤسسة تبيع منتجاتها من الخيوط والأقمشة القطنية بأقل من نصف السعر العالمي (نتيجة الفوضى في التسعير والتلاعب بأسعار صرف الليرة السورية مقابل الدولار). ولذلك فإن الطلب على منتجاتها كان كبيراً، فلجأت إلى بيع منتجاتها بالتقنين حسب نظام الحصص المرتبط بالطاقة الإنتاجية للحرفيين والصناعيين وفقاً لتقديرات وزارة الصناعة والجمعيات الحرفية. وكان الحصول على أية كمية من الغزول القطنية يعني الحصول على هدية ثمينة مجانية على حساب خزينة الدولة، حيث يمكن بيعها على الفور في السوق السوداء بفارق سعر كبير، لأن الطلب كان شديداً نظراً لحاجة السوق المحلية وبسبب تهريب كميات كبيرة منها إلى تركيا ولبنان. وكان هذا الفارق الكبير في السعر يشجع أصحاب النفوذ على التواطؤ مع موظفي وزارة الصناعة والمؤسسة النسيجية على تسجيل منشآت صناعية وهمية تمكنهم من استجرار كميات كبيرة من الخيوط وبيعها في السوق السوداء. بينما كانت المنشآت الحرفية والصناعية الحقيقية تعاني من نقص شديد في مادتها الأولية من الخيوط بسبب تقتير الكميات التي كانت تحصل عليها بشكل نظامي من المؤسسة، عداك عن اضطرارها إلى دفع الأتاوات عند تحديد الكميات في وزارة الصناعة وكذلك عند التسليم في المؤسسة النسيجية، وغالباً ما كانت الخيوط الأفضل جودة والنمر الأكثر طلباً في السوق من حصة أصحاب المنشآت الوهمية والذين يبيعونها في السوق السوداء.
ونتيجة للتهافت على تلك الخيوط، لم يكن أحد يأبه لمستوى جودتها التي تدهورت بشكل كبير وأدت إلى تدهور نوعية الأقمشة التي تُصنّعها المؤسسة العامة النسيجية من تلك الخيوط.
في عام 1986 وفي ظل تلك الظروف، أراد وزير الصناعة السابق المهندس محمد علي طرابلسي أن يضع حداً لهذه المشكلة المستعصية، فدعاني كمستشار إلى اجتماع حضره مدير عام المؤسسة. وبعد طرح المشكلة اقترحت رفع السعر إلى المستوى العالمي وتوظيف جزء من العائدات الإضافية في تمويل خطة تهدف إلى رفع مستوى جودة الخيوط والأقمشة التي تنتجها المؤسسة. ولقي ذلك قبولاً من السيد الوزير، ولكن مدير عام المؤسسة اعترض على رفع السعر بحجة أن هذا قرار سياسي لأنه سيؤدي إلى رفع أسعار الملابس القطنية للمستهلك السوري، علماً أن هذا المستهلك المغلوب على أمره كان يدفع أسعاراً لا تقل عن الأسعار العالمية ولكن بنوعيات سيئة للملابس القطنية. بل إنه في الكثير من الأصناف كان يدفع أكثر من ضعف السعر العالمي[2]، كما في أقمشة الجينز والمخمل.
بعد أن عجز الوزير عن رفع سعر الغزول، جدد طلب مساعدتي في إيجاد وسيلة لرفع مستوى الجودة. واستطعت من خلال علاقتي المتميزة مع إحدى أكبر الشركات الألمانية، الحصول على موافقتها على إرسال ثلاثة خبراء في الغزل والنسيج والصباغ إلى سورية مجاناً ولمدة أسبوع كامل، على أن توفر النسيجية بطاقات السفر مع مصاريف الإقامة في سورية. حيث يقوم الخبراء الألمان بزيارة جميع معامل المؤسسة لتقييم وضعها ثم وضع المقترحات الكفيلة بتحسين أداءها كماً ونوعاً. ويقدموا نتائج زيارتهم في اجتماع يحضره كبار الفنيين والمسؤولين في وزارة الصناعة والمؤسسة. وحُدد توقيت الزيارة بعد خمسة أسابيع من ذلك التاريخ.
لقد كان سرور السيد الوزير كبيراً عندما علم بذلك وطلب مني متابعة هذا الموضوع مع مدير عام المؤسسة لاستصدار بطاقات السفر وترتيبات الإقامة. ولكن الأخير لم يكن على نفس المستوى من الحماس وأبلغني أن الأمر ليس بهذه البساطة حيث يحتاج إلى استصدار موافقات كثيرة أهمها موافقة مكتب القطع الذي يحتاج بدوره إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء! ومرت الأسابيع الخمسة ولم تتم الزيارة. واستمرت أمور المؤسسة على حالها، تُدار كإقطاعة يستثمرها أصحاب النفوذ غير عابئين بحجم الأضرار المادية التي يتكبدها الاقتصاد الوطني، والمستقبل المظلم الذي يهدد المؤسسة بسبب تردي الجودة وانخفاض المردود.
ويبين الجدول (5) حجم الأموال الضائعة على حساب الخزينة والمستهلك، في الفترة 1985-1997.
جدول رقم (5) مبيع الغزول في السوق المحلي/ الربح والخسارة
العام | سعر الشراء من الفلاح ل.س | متوسط سعر الدولار الحقيقي | الشراء من الفلاح بـ سنت | سعر التصدير للكغ محلوج بـ $ | السعر الذي تدفعه النسيجية بـ $ للكغ | مبيع النسيجية عزل 24/1 سوق محلي | سعر تصدير النسيجية عزل 24/1 بـ $ | الإنتاج السنوي ألف طن | الخسارة السنوية مليون $ | |
بـ $ | بـ ل.س | |||||||||
85 | 3.71 | 15 | 25 | 1.026 | 0.67 | 1.23 | 18.40 | 2.65 | 51 | 72.42 |
86 | 4.12 | 20 | 21 | 1.28 | 0.60 | 0.92 | 18.40 | 2.65 | 53 | 91.69 |
87 | 5.81 | 28 | 21 | 1.47 | 0.61 | 0.66 | 18.40 | 2.65 | 59 | 117.41 |
88 | 9.32 | 40 | 23 | 1.45 | 0.64 | 0.46 | 18.40 | 2.65 | 48 | 105.12 |
89 | 13.32 | 46 | 29 | 1.85 | 0.79 | 0.96 | 44.00 | 2.65 | 48 | 81.12 |
90 | 18.14 | 48 | 38 | 1.64 | 1.05 | 1.66 | 79.75 | 2.75 | 42 | 45.78 |
91 | 18.13 | 49 | 37 | 1.31 | 1.13 | 1.63 | 79.75 | 2.75 | 44 | 49.28 |
92 | 19.33 | 50 | 39 | 1.06 | 1.17 | 1.60 | 79.75 | 2.75 | 43 | 49.45 |
93 | 20.18 | 51 | 39 | 1.20 | 1.13 | 1.56 | 79.75 | 2.75 | 39 | 46.41 |
94 | 23.23 | 51 | 45 | 1.85 | 1.32 | 1.56 | 79.75 | 2.75 | 45 | 53.55 |
95 | 26.74 | 51 | 52 | 1.83 | 1.54 | 1.56 | 79.75 | 2.75 | 53 | 63.07 |
96 | 28.44 | 51 | 56 | 1.60 | 1.72 | 1.56 | 79.75 | 2.75 | 65 | 77.35 |
97 | 28.05 | 51 | 55 | 1.43 | 1.65 | 2.70 | 137.8 | 2.75 | 68 | 3.4 |
98 | 29.19 | 51 | 57 | 1.22 | 1.70 | 2.97 | 151.6 | 2.85 | 73 | 8.76- |
99 | 29.29 | 51 | 57 | 1 | 1.70 | 2.97 | 151.6 | 2.75 | 87 | 19.14- |
نتبين من الجدول الملاحظات التالية:
*مجموع الخسائر الناتجة عن بيع الغزول في السوق المحلي بأقل من سعرها العالمي في الفترة ما بين 1985-1996 مقارنة مع أسعار التصدير بلغ (856) مليون دولار.
*يبين الحقل (السعر الذي تدفعه النسيجية بـ دولار/كغ) أن ما كانت تتقاضاه مؤسسة حلج الأقطان من المؤسسة العامة النسيجية في الأعوام (85-86-87-88-89) هو بحدود نصف السعر العالمي بالمتوسط لتلك الفترة.
* استمرت لعبة بيع الخيوط بأقل من نصف السعر العالمي حتى أواخر 1996، حيث رفعت مؤسسة حلج الأقطان سعر القطن المحلوج، الذي يشكل المادة الخام للمؤسسة النسيجية، من 48.25 إلى 85.90 ل.س، رغم أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار كان مستقراً طيلة تلك الفترة. وإذا اعتبرنا القيمة الحقيقية للدولار (50) ل.س، فإن السعر بالدولار يكون قد ارتفع من (0.95) إلى (1.72) دولار. وفي نفس الفترة بدأت الأسعار العالمية للقطن تتدهور حتى وصلت إلى ما يقارب الدولار الواحد للكغ. وهنا بدأت سياسة التسعير في المؤسسة العامة النسيجية تنتقل من حماقة بيع منتجاتها بأقل من السعر العالمي إلى حماقة أخرى بفرض سعر لمنتجاتها يزيد كثيراً عن السعر العالمي، مع بقاء مستوى الجودة المتدني الذي ورثته على مدى سنين من الإهمال والفوضى. ورغم منع استيراد الغزول القطنية التي تنتج مثيلاتها محلياً، فإن استجرار المنشآت الحرفية والصناعية هبط بشكل كبير نتيجة خسارتها لكثير من زبائنها بسبب عدم قدرة منتجاتها على المنافسة في الأسواق العربية والعالمية، بالإضافة إلى تراجع الطلب في السوق المحلي بسبب ارتفاع الأسعار وانهيار القوة الشرائية لدى المواطنين.
نتيجة لما تقدم، بدأت البضائع تتكدس في مستودعات النسيجية وترتفع أرقامها شهراً بعد شهر، حيث وصلت في نهاية 1997 إلى (4) مليار ل.س وارتفعت في منتصف 1999 إلى (8) مليار، وفي نهايته إلى (14) مليار، ثم تابعت ارتفاعها لتصل إلى (18) مليار ل.س خلال العام الحالي رغم أن معظم الشركات التابعة للمؤسسة تقريباً تعمل بجزء فقط من طاقتها، بالإضافة إلى أن الاستثمارات التي وظفت في المؤسسة في السنين الأخيرة لإقامة معامل جديدة وتنفيذ عمليات الاستبدال والتجديد في المعامل القديمة تزيد عن (30) مليار ل.س.
الأسباب التي تكمن وراء تكدس المخازين في المؤسسة العامة النسيجية:
1 – تدني الجودة وعدم مواكبتها لمتطلبات السوق مما جعلها عاجزة عن تصدير أية كميات حتى بأقل من سعر التكلفة.
2 – فرض سعر على المصنعين المحليين يزيد بشكل كبير عن الأسعار العالمية.
3 – تعدد الجهات الوصائية على المؤسسة النسيجية وسوء إدارتها وصراعاتها الداخلية.
1 – تدني الجودة وعدم مواكبتها لمتطلبات السوق وعجزها عن التصدير:
*بتاريخ 15/7/95، قدمت دراسة بعنوان “كيف نستفيد من ذهبنا الأبيض”، استعنت في إعدادها بعدد من الخبراء في المؤسسة النسيجية، وبينت فيها أن إنتاج (11) شركة من أصل (12) تراوح مستوى جودتها بين سيئ جداً ودون الوسط. وكانت شركة غزل حماة الوحيدة التي وصل تقييمها إلى الوسط، رغم أن آلاتها بالكامل من إنتاج الصين الشعبية وعمرها يزيد عن (25) سنة. ولم تكن قد ظهرت في تلك الفترة مشكلة تكدس المخازين، بل كانت جميع الغزول، وحتى السيئة منها، تُباع في السوق السوداء بسبب خطأ التسعير ومنع الاستيراد كما ذكرنا سابقاً.
إن تصنيع خيوط سيئة من القطن، يوصف عند خبراء النسيج بأنه عملية تخريب للقطن الخام، لأن بيع القطن الخام بالسعر العالمي ممكن مهما كانت الكميات، بينما بيع الخيط السيئ غير ممكن إلا بكسر أسعاره إلى أن تصل إلى أقل من الكلفة بكثير. أي أن عملية تصنيع الخيط السيئ خاسرة دوماً لأنها لا يمكن أن تغطي كلفة القطن الخام مضافاً إليها تكاليف التصنيع، نظراً لأن القيم المضافة في تصنيع الخيوط محدودة جداً إذا استبعدنا كلفة الطاقة الكهربائية واهتلاك الآلات.
إن المرحلة الأولى في الصناعات النسيجية هي صناعة الخيط، وعندما نلزم صناعاتنا النسيجية بالخيط السيئ التي تنتجه المؤسسة فإننا نكون قد قطعنا الطريق على قدرة تلك الصناعات على التطور الطبيعي، لأن الخيط السيئ لن يعطي إلا قماشاً سيئاً، وستفقد كل العمليات اللاحقة من تصبيغ وتحضير وخياطة قيمتها لان المنتج النهائي، أي الملابس المصنعة من خيط سيئ، لا يمكن أن تسترجع تكاليفها في كل المراحل، وهذا ما يثبته تكدس الأقمشة في المؤسسة التي وصلت إلى عشرات ملايين الأمتار والتي يصعب تصريفها حتى ولو خفضت أسعارها لتقتصر على كلفة القطن الخام الداخل فيها.
بعد أن بدأ تكدس المخزون، أجريت العديد من الدراسات على نشاط المؤسسة بهدف حل تلك المشكلة. وكانت جميع هذه الدراسات تُجمع على أن السبب الأول والأهم هو سوء النوعية. فإذا استبعدنا السوق الداخلي، نرى أن الحكومة قد أصدرت العديد من القرارات التي تبيح للشركات بيع مخازينها بالأسعار العالمية وبغض النظر عن سعر التكلفة. ورغم ذلك فإن صادرات المؤسسة لم تتجاوز عام 1997 (58.2) مليون دولار، وهبطت عام 1998 إلى (45.2) مليون دولار، علماً أن ثلثي هذه المبالغ تقريباً بيعت بالدولار في السوق المحلية، أي أنها ليست تصديراً حقيقياً، وأن هذه الصادرات الهزيلة هي بغالبيتها من الغزول المنتجة في شركتي اللاذقية وحماة ومن الأنواع المقبولة التي يحرم منها المصنع المحلي. أما المخازين الهائلة من الأقمشة القطنية، فإن المؤسسة لم تستطع تصدير أي منها مهما خفضت من أسعارها بسبب السوء الشديد في نوعيتها. وقد أكدت ذلك بشكل واضح الدراسة التي أعدتها نقابة عمال الغزل والنسيج بدمشق بتاريخ 10/8/99 وجاء فيها: ” قيمة مخازين شركات غزل دمشق وصلت إلى (1.6) مليار ل.س في نهاية الربع الأول من عام 1999 وإن تراكم هذه المخازين يعود إلى نمطية الأصناف حيث أن معظم الإنتاج هو خام ودولس وشوادر وبدلات عمل، وأنها ذات نوعيات متدنية فكل ثوب يحوي عدة أخطاء في النسيج بالإضافة إلى عيوب الكشش والجلطات وتدرج الألوان والتباين في الصباغة والطباعة إضافة للعيوب الحاصلة بسبب سوء التخزين ومدته”. ويمكننا تعميم هذا التقرير على إنتاج باقي شركات المؤسسة باستثناء معمل حماة والمعملين الجديدين في اللاذقية وإدلب.
من المعروف أن التصدير إلى السوق العالمية يتطلب توفر الحد الأدنى الضروري من الجودة، بينما اعتادت المصانع والورشات المحلية التي تستجر غزول النسيجية على نوعيتها السيئة بسبب احتكارها لهذه الأصناف ومنع استيرادها. وقد ألحق ذلك المنع والحصر أضراراً بالغة بتلك المصانع والورشات، حيث وقفت شبه عاجزة عن تصدير منتجاتها من الملابس القطنية، واقتصر تسويقها على الأسواق المحلية وبعض أسواق الدول الفقيرة عن طريق تجار الشنطة. ونتيجة لذلك لجأت بعض مصانع الألبسة وخاصة ألبسة الجينز، إلى إدخال الأقمشة الأجنبية إدخالاً مؤقتاً لتصنيعها وإعادة تصديرها، فطلبت الشركة التي تحتكر صناعة الجينز في سورية بالتواطؤ مع النسيجية منع الشركات التي تدخل الجينز إدخالاً مؤقتاً وإجبارها على استعمال الأقمشة المحلية علماً أن المؤسسة النسيجية لا تنتج هذه الأقمشة أو مثيلاتها وان سعر المتر في معمل القطاع الخاص يزيد بنسبة 60% عن الأسعار العالمية. وبالفعل أصدر وزير الصناعة السابق كتاباً يلزم المصنعين باستعمال الأقمشة القطنية من المؤسسة النسيجية متضمناً عبارة “بغض النظر عن السعر والجودة”، وأترك للقارئ الكريم تحليل مدلولات هذه الحادثة؟!
2 – السعر غير المنافس:
بعد أن تبينا عجز النسيجية عن تصدير غزولها وأقمشتها التي تنتجها بسبب رداءة الجودة، فإنه من المفارقات أن تفرض المؤسسة أسعاراً لغزولها تزيد بنسبة 30% عن الأسعار العالمية، مما حرم آلاف المنشآت الصناعية والحرفية من إمكانية التصدير. فقلّص معظمها طاقته الإنتاجية وأغلق الكثير منها أبوابه وتراجع الاستثمار في إقامة منشآت حديثة لصناعة الأقمشة والملابس القطنية. إذ لا يمكن لمنشأة تستعمل خيوطاً رديئة وبأسعار تزيد 30% عن السعر العالمي أن تبقى قادرة على المنافسة مهما بذلت من جهود. وحتى أنواع الخيوط المقبولة التي كانت تنتج في معمل اللاذقية الحديث، الذي زادت كلفته عن (120) مليون دولار، أصبح بيعها غير ممكن. وهذا ما أكدته جريدة تشرين في 18/9/97، في مقابلة مع مدير غزل اللاذقية حيث كتبت: “بعد سنة من بدء التشغيل وصل المخزون إلى (2100) طن إنتاج تجريبي رغم أن نصف الآلات متوقف. وقد امتلأت المستودعات المخصصة للغزول الجاهزة فاضطرت الإدارة لتكديسها في مستودعات المواد الأولية والعوادم والساحات وممرات صالات الإنتاج. وعزا مدير الشركة السبب إلى تكاليف القطن الخام حيث تحسب على الشركة بـ (2) دولار تقريباً، بينما تصدر بالسعر العالمي أي (1,5) دولار. وطالبت الشركة بيعها القطن بالسعر العالمي، ولكن لم يوافق على الطلب. وقال المدير في حينه أن الأمر يحتاج إلى حل جذري من الجهة المحددة للأسعار، وعلى مؤسسة حلج الأقطان أن لا تحل مشاكلها على حساب صناعة الغزول. وختمت الصحفية المقابلة بما يلي: “لماذا تصل مشاريعنا الاقتصادية الهامة والكبيرة إلى هذه الحالة؟! ألم تكن هناك دراسة دقيقة لجوانب المشروع أم أن أموراً لا نعرفها حدثت. لماذا تبقى أسعارنا أعلى من الأسعار العالمية واليد العاملة عندنا أرخص والمواد أغلبها محلي؟ لماذا .. لماذا؟ أسئلة نوجهها إلى الجهات المختصة وننتظر الجواب ونريده بإلحاح راجين عدم التطنيش!
لقد جاء جواب الإدارة الاقتصادية على تساؤلاتها الحزينة، بأن قررت رفع أسعار الغزول مرة أخرى بنسبة10% ؟! وإثر اتخاذ الحكومة لهذا القرار الذي يستعصي على الفهم تعالت الأصوات محذرة من خطورة منعكساته على المؤسسة النسيجية وعلى الصناعات النسيجية القطنية ككل.
*بتاريخ 1/12/97 نشرت تشرين، مقالاً تحت عنوان ” زيادة أسعار الغزول للصناعيين .. الشعرة التي قصمت ظهر التصدير” جاء فيه: “هذا القرار بمثابة الشعرة التي تقصم ظهر التصدير وتضع قطاعاً صناعياً يشغل أكثر من (330) ألف عامل أمام مأزق خطر. ولا أدل على ذلك من أرقام مركز التجارة الخارجية التي تظهر انخفاضاً واضحاً في الصادرات نتيجة رفع الأسعار السابق الذي تم في النصف الثاني من عام 1996. والآن مرة أخرى قرار رفع أسعار الغزول القطنية بحدود 10% يضع المؤسسة النسيجية أمام احتمالات سوداء ويضع تصدير الألبسة في دائرة المستحيل”. وعرض المقال المذكور جدولاً يبين الفارق بين السعر للمستورد الأجنبي والسعر للمصنع المحلي، وإذا أخذنا النمرة المتوسطة (24/1 ممشط) مثلاً، فإن سعر المستورد الأجنبي هو (3.45) دولار وللمصنع المحلي (4.25) دولاراً! كما جاء في المقال “أن مجموع الصادرات في الأشهر العشرة الأولى لعام 1997 انخفضت مقارنة مع أرقام نفس الفترة من العام الذي سبقه بنسبة 16%”. وفي نهاية المقال وضّح الصحفي أن الحلول هو التراجع عن القرارات الأخيرة وتحميل خزانة الدولة مسؤولية دعم المزارع ومساواة المصنع المحلي بالمستورد الأجنبي، كي لا نكون كمن يدعم الصناعة المنافسة.
ولتصحيح بعض ما جاء في المقال المذكور، فإن السعر العالمي للخيط (24/1 ممشط) الذي حددت المؤسسة سعر تصديره بـ (3.45) دولار كما جاء في المقال لا يتجاوز (3) دولار. وهذا هو سبب عجز المؤسسة عن تصدير غزولها من معمل اللاذقية بذلك السعر الوهمي رغم أنها من أفضل ما ينتج في سورية لأن الشركة تملك أحدث الآلات والتجهيزات العالمية.
*بتاريخ 18/12/97 وفي حوار أجرته معي صحيفة الثورة حول منعكسات رفع أسعار الغزول القطنية، قلت: “إن قرار رفع أسعار الغزول القطنية السورية كان مفاجأة كبيرة. وكنت قد تحدثت قبل ثلاثة أشهر مع الدكتور سليم ياسين وبينت له ضرورة تخفيض أسعار الغزول وبيعها للمصنع السوري بالسعر العالمي. وهذا بديهية من بديهيات تشجيع التصدير، علماً أن الكثير من دول العالم تدفع تنشيطاً لمنتجاتها التي تعتمد على خامات محلية، وإذا كنا نزرع القطن لتصديره خاماً فقط فهذه عملية خاسرة وليست لمصلحة البلد. ولكن تصنيع القطن وتحويله إلى ملابس وتوفير فرص عمل للناس، هو ما يبرر منطقياً زراعتنا للقطن … وبعد الحديث مع د. ياسين ورفضه لتخفيض الأسعار، جاء قرار زيادة 10% جديدة كالصاعقة، وكأن هناك عداءاً مستحكماً بيننا وبين التصدير. وقلت كيف سندخل بعد ذلك مجال المنافسة في السوق العالمية! هذا مستحيل، يجب أن تعلم الحكومة أن عدم رؤية المعامل تتوقف مباشرة بعد تلك القرارات لا يعني أن الصناعة بخير لأن المصانع لا تتوقف إلا بعد أن تستنفذ كامل أموالها، بعد أن تدوِّر الخسائر سنة وسنتين وثلاث. تخزن جزء من إنتاجها ثم تعمل بنصف أو ربع طاقتها، ولكن إن استمر الوضع هكذا فلابد من الإعلان عن الإفلاس والتوقف النهائي والموت.. أتمنى أن يتم التراجع عن هذا القرار الخاطئ قبل أن يفقد الصناعيين الأمل ويغلقوا أبوابهم.”
وبالطبع لم يلق نداءي هذا كغيره، أية آذان صاغية.
*بتاريخ 4/3/98 نشرت تشرين، تقريراً من إعداد فيصل أحمد تحت عنوان “الكارثة الأكبر” جاء فيه: “ساهم قرار زيادة أسعار القطن بنسبة 12-15% وبالتالي رفع أسعار الغزول بنسبة 10%، بزيادة أعباء المؤسسة النسيجية، وزاد من حجم كابوس المخازين، إذ أفرز هذا القرار خلال عام 1997 فقط مخازين بقيمة (1,5) مليار ل.س منها (1,3) مليار من الغزول القطنية، وأصبح مجموع مخازين المؤسسة مع نهاية 1997 حوالي (4,3) مليار ل.س. وتُرجع الصناعات النسيجية ارتفاع قيمة مخازينها إلى جملة أمور أهمها الركود في الأسواق الداخلية وعدم القدرة على الدخول إلى الأسواق الخارجية نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات القطنية مقارنة بالأسعار العالمية.”
*بتاريخ 18/8/99، نشرت جريدة تشرين، تحت عنوان “لماذا!؟ .. صناعة النسيج في خطر!! … (39) مليار ل.س لاستيراد البوليستر و (8) مليارات تكدست كمخازين!!” جاء فيه “أكثر من ثلاث سنوات ونحن نعاني من مشكلة المخزون في الصناعات النسيجية. المخزون في تزايد حتى بات يشكل خطراً على وجود هذه الصناعة العريقة. ترافق ارتفاع أسعارنا للغزول القطنية مع انخفاض أسعارها العالمية فبينما نبيع كغ القطن المحلوج إلى شركات الغزل بحوالي (100) ل.س نصدره بـ (1.07) دولاراً أي ما يعادل (53) ل.س. إن هذا الفارق جعل الشركات أمام منافسة لا تحسد عليها فكيف بها إذا لم تكن كذلك.”
تقرير خبراء الجايكا اليابانية حول واقع ومستقبل الصناعات النسيجية في سورية:
تقدمت الحكومة السورية بطلب رسمي إلى الحكومة اليابانية للمساعدة على صياغة خطة شاملة لتشجيع وتطوير الصناعة النسيجية حتى عام 2010 الذي ستصبح فيه سورية شريكاً اقتصادياً للاتحاد الأوروبي، وتكون حدودها الجمركية مفتوحة بالكامل أمام منتجات دول منطقة التبادل الحر العربية.
استجابت الحكومة اليابانية وأرسلت فريقاً من خبراء وكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، لإجراء مسح ميداني للصناعات النسيجية يغطي جميع المناطق في سورية. واستمرت الدراسة (11) شهراً وفي تشرين الثاني عام 1997، قدمت الجايكا ملخصاً عن التقرير النهائي لمسودة خطة العمل يوضح الخطوط العريضة للمشاكل التي تعاني منها المؤسسة العامة النسيجية، ويعرض الواقع والأسباب التي أدت لظهور تلك المشاكل ويعطي نصائح عامة لحلها، وإليكم مقتطفات من التقريرالمذكور:
*على الرغم من أن عدداً من رجال الأعمال في القطاع الخاص قد اصبحوا في عداد الأثرياء، إلا أن العديد من شركات القطاع العام تعاني من انخفاض حاد في المداخيل وتواجه مشاكل صعبة نتيجة الشروط والقيود المؤسساتية والإدارية والقانونية المفروضة عليها.
*يبدو انه من الصعب جداً إغلاق أي من شركات القطاع العام، حتى في حالة تراكم خسائرها لعدة سنوات، ويشتكي موظفو القطاع العام من انخفاض أجورهم، ويتعرض المهرة منهم والمدراء الأكفاء لاغراءات في شركات القطاع الخاص.
*تعاني صناعة النسيج في سورية من ارتفاع أسعار القطن الخام، وبسبب نظام التحكم بالأسعار الذي يفتقد المرونة، تتكدس المنتجات لعدم القدرة على بيعها.
*تتمتع الصناعة النسيجية السورية حالياً بميزة عدم الخضوع لشروط اتفاقية الأنسجة والألبسة ولكنها ستخسر هذه الميزة عام 2005 وليس أمامها من خيار سوى تعزيز وتقوية قدراتها التنافسية قبل هذا التاريخ.
*من الإنجازات التي حققتها شركة حماة من الخيوط القطنية الجديرة بالإعجاب حيث تتمتع بكفاءة إدارية مؤهلة استطاعت إنتاج خيوط عالية الجودة بالرغم من الآلات القديمة التي تستخدمها ويمكن لهذه الشركة أن تشكل نموذجاً مفيداً تستطيع شركات القطاع العام الأخرى أن تتعلم منه وتحتذيه.
*تميل شركات القطاع العام إلى تصدير الغزول القطنية عالية الجودة بدلاً من بيعها في السوق المحلية، كما حصل عام 97 في معمل اللاذقية، حيث صدر كل إنتاجه على الرغم من الطلب القوي من الشركات الخاصة المحلية، بالإضافة إلى ذلك تمنع الدولة استيراد خيوط القطن. مثل هذه الظروف لا تشجع أبداً الشركات الخاصة على توسيع وزيادة حجم صادراتها من الملابس المصنعة من القطن السوري، وطالما اختارت الدولة احتكار قطاع الغزل، فعليها تحمل مسؤولياتها فيما يتعلق بضمان تزويد الشركات الخاصة باحتياجاتها، وإلا فستظل الفرصة محدودة أمام زيادة حجم صادرات الملابس المصنوعة من القطن السوري.
*يتم تحديد أسعار القطن في سورية اعتماداً على تكاليف الإنتاج بغض النظر عن أسعار السوق العالمية ونتيجة لذلك تجني صادرات الملابس القطنية السورية مرابح كبيرة حين ترتفع أسعار السوق العالمية، ولكن من ناحية أخرى تفقد المنتجات السورية قدرتها التنافسية حينما تنخفض أسعار السوق العالمية.
*في أواخر تموز من عام 1997، قامت الحكومة فجأة بحظر استيراد أقمشة الجينز المستخدمة لصنع الملابس المعدة للتصدير، ومثل هذا الوضع يؤثر بصورة خطيرة على مصدري الملابس وعملائهم، ولذلك يجب الابتعاد عن مثل هذه القرارات المفاجئة التي تتحكم بالاستيراد أو التصدير لضمان تطور ثابت ومطرد للصناعة.
*يقدر استهلاك الفرد من الأنسجة والألبسة في العالم بحوالي (7.5) كغ سنوياً، وهو نفس معدل استهلاك الفرد في سورية.
من
كان من أهم النصائح والمقترحات الذي قدمها تقرير الجايكا بهدف زيادة الصادرات من المنتجات النسيجية ما يلي:
*تحقيق عملية التحول إلى اقتصاد السوق الأكثر كفاءة وفاعلية.
*وضع خطة لتحويل كل القطن السوري إلى منتجات نسيجية وبشكل خاص ألبسة، لغرض تصديرها إلى أوروبا وأمريكا.
*أن تزود شركات الغزل الجديدة القطاع الخاص بالغزول الجيدة بدلاً من تصديرها، لتمكينه من تصنيع وتصدير منتجات ذات نوعية جيدة وبشكل خاص الألبسة.
*تشجيع القطاع الخاص للدخول في أعمال الغزل لإزكاء روح المنافسة مع القطاع العام، وهذا سيعزز القدرة على المنافسة الدولية فيما يتعلق بالسعر والنوعية ومدة التسليم.
*الاستفادة الكاملة من مزايا البلاد الأساسية، وهي رخص كلفة الإنتاج، وذلك بحياكة النسج الصناعية المستوردة والمواد الثانوية وتحويلها إلى ألبسة معدة للتصدير بعد إدخال قيم مضافة عالية وتوفير فرص عمل.
*الاستفادة من تصدير الملابس المصنعة من النسج الصناعية المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي، والتوسع في أنشطة شركات القطاع الخاص التي تصدر كافة منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي والدول العربية المجاورة.
حلول وهمية لتشجيع صادرات الملابس القطنية:
على الرغم من أن كل الدراسات وبديهيات المنطق الصناعي، تؤكد على شرط توفير المواد الأولية للمصنعين بالسعر العالمي، فإن القرارات الحكومية تحاول التهرب من هذه الحقيقة وتلجأ إلى حلول مجتزأة مثل وضع سعر تفضيلي للخيوط المستعملة للملابس بقصد التصدير والتي بقيت أعلى من السعر العالمي، وكذلك الحل بإعادة ضريبة الإنتاج الزراعي وضريبة الصادرات على القطن عند تصدير الملابس القطنية، فإن هذه الحلول وبسبب البيروقراطية التي تعيق تطبيقها بالسرعة المطلوبة، لم تساهم بالشكل المطلوب في تنشيط صادرات الملابس القطنية، خاصة وأن قسماً لا يستهان به من تلك الصادرات يذهب إلى الدول العربية والكثير من الدول الأخرى بصحبة مسافر، أي تصدير غير نظامي، وهذا ما تسمح به تعليمات التجارة الخارجية، أي أنه غير نظامي وليس مخالف للقانون.
وإن الحجة التي تقدمها وزارة الصناعة والمؤسسة النسيجية بإمكانية المصدر على الاستفادة من قرارها بإعادة ضريبة الصادرات ورسم الإنتاج الزراعي، غير قابلة للتطبيق، حيث أن التعليمات التنفيذية جعلت المصدرين يفضلون التنازل عن هذه الميزة تفادياً لسلسلة من الإجراءات البيروقراطية التي تتطلبها استعادة الرسوم وقبل شحن البضاعة، مما يستدعي التأخير في تسليم العقود وخسارة الزبون.
3 – سوء الإدارة في المؤسسة النسيجية:
إن هذه المؤسسة كغيرها من مؤسسات الدولة الإنتاجية، تعاني من سوء الإدارة الذي يتكرر الحديث عنه في كل مناسبة. ومجرد الوقوف على الكيفية التي تم بها تعيين المدراء العامين كفيل بإعطائنا فكرة واضحة عن مستوى أداء هذه المؤسسة.
فقد غيرت الحكومة ستة مدراء عامين خلال السنوات العشر الماضية دون أن تحمل قرارات الإبعاد والتعيين أية إشارة إلى الأسباب الموجبة أو إلى تقصير أو محاسبة! أي أنها كانت خاضعة كلياً لمزاجية أصحاب القرار في الحكومة واتحاد نقابات العمال خاصة وأن بعض المدراء الذين أبعدوا كانوا الأكفأ في تاريخ المؤسسة بشهادة الجميع. وفي كل مرة نرى السيناريو ذاته تقريباً: تبدأ المسألة بخلاف بين المدير العام للمؤسسة وممثل اتحاد نقابات العمال الذي يتكفل بإقناع السيد وزير الصناعة بأن المدير غير “متعاون” مع الاتحاد. وهذا بدوره يقنع السيد رئيس اتحاد نقابات العمال الذي يقنع رئيس الحكومة بضرورة استبدال المدير العام. ولا حاجة للتذكير بأن كل تغيير كان يترافق مع خسارة عدد كبير من الكوادر الفنية والإدارية والتجارية والتسويقية. فكل مدير جديد يعمد إلى إجراء تغييرات واسعة وعمليات إبعاد وتعيين جديدة للكوادر بحجة أنه يريد أن يختار طاقماً منسجماً يستطيع التعاون معه. إلى أن هربت معظم خبرات سورية وكفاءاتها في مجالات الغزل والنسيج والصباغة والطباعة خارج ملاك المؤسسة لتعمل إما مع القطاع الخاص المحلي أو مع الشركات الأجنبية.
فإذا كان المدير العام، الذي يفترض أنه دماغ المؤسسة، يتبدل كل أقل من سنتين فمتى سيجد الوقت الكافي لتنفيذ خطة العمل التي يفترض أنه أعدها في المرحلة الأولى لاستلامه؟ وكيف لنا أن نحكم على أدائه دون أن يتوفر الوقت الكافي لتنفيذ جميع المهام؟
وإن تحقيقاً بهذا الموضوع يمكن أن يبين حجم الصراعات الداخلية وأثرها على الجودة وارتفاع التكاليف وانعدام أي برنامج موضوعي للتسويق وبالتالي دورها الرئيسي في مشكلة المؤسسة المستعصية ألا وهي تراكم المخازين.
ثالثاً – عرقلة استيراد الخيوط الصنعية وأثره على الصناعات النسيجية.
نشط القطاع الخاص في السنين الأخيرة بإقامة منشآت لتصنيع بعض أنواع الخيوط الصنعية التي تُستَهلك بكميات كبيرة في الصناعات النسيجية. ورغم تضارب الإحصائيات عن مجمل إنتاجها السنوي، فإن التقديرات تتراوح بين 30-40 ألف طن سنوياً، بينما يتم تغطية حاجة الصناعات النسيجية المتزايدة من الخيوط عن طريق الاستيراد الذي وصل عام 1999 إلى (140) ألف طن، بعضها من نفس الأصناف المنتجة محلياً والبعض الآخر يتألف من نوعيات متعددة لا ينتج مثيلاتها محلياً. ومن الملاحظ أن أغلب شركات تصنيع الخيوط التي أقيمت في السنين الأخيرة قد قامت بتوسيع طاقاتها الإنتاجية، وأن مصانع أخرى قد أقيمت بعد نجاح تجربة المصانع الأولى وما زال عدد من المصانع قيد الإنشاء. مما يؤكد تحقيقها لأرباح مجزية نتيجة الحماية التي تحصل عليها بزيادة أعباء استيراد الخيوط المماثلة لمنتجاتها بشكل متزايد في السنتين الأخيرتين.
إن صناعة الخيوط بشكل عام لا تتضمن قيماً مضافة مرتفعة حيث أن هذه الصناعة غالباً ما تكون مؤتمتة إلى درجة كبيرة ويقتصر دور العمالة فيها على مراقبة الآلات وفحص الجودة والتخزين والشحن. أي أن مساهمة العمالة في قيمة المنتج النهائي للخيوط متواضعة بينما يتكون القسم الأكبر من تكاليف الإنتاج من استهلاك الآلات وقطع الغيار والطاقة الكهربائية وفوائد التمويل. بينما تتركز احتياجات العمالة بنسب مرتفعة في العمليات اللاحقة أي في النسيج والحياكة والصباغة وتصنيع الملابس والتطريز والطباعة.
من المعروف أن معامل تصنيع الخيوط المقامة في سورية كل منها ينتج نوعاً واحداً نمطياً على مدار العام، وبما أن احتياجات السوق المحلية هي أضعاف الطاقة الإنتاجية لتلك المعامل فإن تكاليف إنتاجها هي منخفضة ولا تجد أي صعوبة في تصريف تلك المنتجات نظراً لما تتمتع به من الحماية الناتجة عن ارتفاع أعباء تكاليف استيراد الخيوط المماثلة لانتاجها.
إن دراسات الجدوى الاقتصادية التي بنيت على أساسها تلك المعامل قبل عدة سنوات قد تم حسابها عندما كان استيراد الخيوط المماثلة لإنتاجها تعامل رسومها الجمركية على أساس الدولار الجمركي بـ (11.25) ل.س، كما كان استيراد تلك الخيوط لا يخضع لشرط استعمال دولار التصدير.
ومنذ ما يقارب السنتين، بدأ أصحاب تلك المصانع التوسط لدى الحكومة السابقة بغية وضع مزيد من العراقيل أمام استيراد الخيوط المماثلة لإنتاجهم. وكان أن تجاوبت الحكومة السابقة مع مطالبهم فأجبرت مستوردي الخيوط الصنعية من التجار على استعمال دولار التصدير بدل التسهيلات الائتمانية مما زاد كلفة الخيوط المستوردة بنسبة تصل إلى 10%. وتلا ذلك بعد برهة قصيرة وبتاريخ 15/8/99 قرار رفع سعر الدولار الجمركي على مستوردات الخيوط الصنعية من 11.25 ل.س إلى 23 ل.س أي مضاعفة الرسوم الجمركية. مما رفع عبء استيراد خيوط الإكريليك (بند 56/5) من 24.24 ل.س/كغ كما يبين الجدول (7) إلى 42.26 ل.س (32.91 + 9.35). كما رفع عبء استيراد الخيط الممزوج (56/5/أ/1 بوليستر- فيسكوز) من 15.11 ل.س/كغ إلى 26.21 ل.س/كغ (20.46 + 5.75) كما يبين الجدول (8). أما خيوط البوليستر 51/1 فقد ارتفع عبء استيراد الكغ من 8.64 ل.س إلى 14.33 ل.س كما هو مبين في الجدول (6).
جدول رقم (6)
نوع الخيط | رسم أساسي مع الإضافات | دولار جمركي | إجمالي كلفة استيراد 1كغ | مستوردات 1999 |
بوليستر51/1 | 6.75% | 11.25 | 1.29جمرك 1.10مرفأ وتخزين 2.00عمولة نسيج 4.25ضريبة دخل 8.64 ل.س/كغ المجموع | 86.771 طن |
بوليستر51/1 | 6.75% | 23.00 | 10.08 المجموع | 86.771 طن |
بوليستر51/1 | 6.75% | 46.50 | 13.12 ل.س/كغ المجموع | 86.771 طن |
*يضاف مبلغ 4.25 ل.س للمستوردين التجار كلفة دولار التصدير.
جدول (7)
نوع الخيط | رسم أساسي مع الإضافات | دولار جمركي | إجمالي كلفة استيراد 1كغ | مستوردات 1999 |
اكريليك 56/5 | 19.80% | 11.25 | 8.35 جمرك 2.10 مرفأ وتخزين 4.42 عمولة نسيج 9.37 ضريبة دخل 24.24ل.س/كغ المجموع | |
اكريليك 56/5 | 19.80% | 23.00 | 32.91 ل.س/كغ المجموع | |
اكريليك 56/5 | 19.80% | 46.50 | 50.04 ل.س/كغ المجموع | |
*يضاف 9.35 ل.س للمستوردين التجار كلفة دولار التصدير. جدول رقم (8) | ||||
نوع الخيط | رسم أساسي مع الإضافات | دولار جمركي | إجمالي كلفة استيراد 1كغ | مستوردات 1999 |
ممزوج 56/5/أ/1 | 19.80% | 11.25 | 5.12 جمرك 1.53 مرفأ وتخزين 2.71 عمولة نسيج 5.70 ضريبة دخل 15.11ل.س/كغ المجموع | 13.775 طن |
ممزوج 56/5/أ/1 | 19.80% | 23 | 20.46 ل.س/كغ المجموع | |
ممزوج 56/5/أ/1 | 19.80% | 46.50 | 30.94 ل.س/كغ المجموع |
*يضاف مبلغ 5.75 ل.س للمستوردين التجار كلفة دولار التصدير.
لقد كان قرار مضاعفة الرسوم الجمركية على استيراد الخيوط الصنعية في العام الماضي يعتمد على ذريعة المساعدة على تصريف الغزول والأقمشة القطنية المكدسة في مستودعات شركات المؤسسة العامة النسيجية والتي وصلت في تلك الفترة إلى (8) مليار ل.س. ولكن القرار المذكور لم يساهم في تخفيض مخازين النسيجية بل على العكس أخذت تلك المخازين ترتفع بشكل حاد حتى وصلت إلى (18) مليار ل.س بعد سنة واحدة من ذلك القرار. مما يؤكد أن تحميل الخيوط الصنعية ذنب تكدس مخازين الخيوط والأقمشة القطنية عار عن الصحة والحقيقة هي أن المستفيد من ذلك كان أصحاب معامل الخيوط الصنعية حيث رفعوا أسعار منتجاتهم بنفس نسب الزيادة في أعباء استيراد مثيلاتها.
لم يقنع أصحاب معامل الخيوط الصنعية بما حققوه من أرباح إضافية احتكارية في العام الماضي، بل استمروا بالضغط على الحكومة الحالية لتحقيق المزيد من الأرباح الإضافية. وقد أفلحوا بانتزاع قرار جديد بتاريخ 7/10/2000 صدر عن السيد رئيس مجلس الوزراء متضمناً الكثير من تواقيع المسؤولين في الحكومة وجاء في مقرراته الفقرات التالية:
“15-تحديد عمولة مؤسسة نسيج على كافة الخيوط الصنعية المستوردة مهما كانت تسمية بنودها الجمركية، بنسبة 22.5% من قيمتها محسوبة على أساس سعر صرف الدولار 46 ل.س تحول إلى حساب الخزينة العامة لتغطية جزء من عجوز التصدير.
16-يعد سعر صرف الدولار الجمركي ليصبح 46 ل.س بدلاً مما كان مطبقاً عليه سابقاً، على كافة المستوردات من الخيوط الصنعية المشار إليها بالفقرة السابقة.
17-يتم بيع الغزول القطنية داخلياً وخارجياً بقصد التصدير فقط بالأسعار الرائجة عالمياً (قطاع عام وقطاع خاص) وطبق الأسلوب المتبع في المؤسسة العامة للصناعات النسيجية حالياً.
18-يتم بيع الإنتاج الجاري من المنتجات القطنية (غزول + نسيج + ملبوسات) المعدة للاستهلاك الداخلي وفق الأسعار الإدارية (سعر القطن الإداري الحالي + كامل التكاليف الصناعية + هامش ربح) وتحول فروقات أسعار الأقطان المشار إليها إلى حساب الخزينة العامة لتغطية عجوز أسعار القطن عند الاستهلاك المحلي.”
وبعد أن علمت غرف الصناعة والتجارة بهذا القرار قدمت اعتراضاتها للحكومة من خلال مقابلات شخصية وكتب خطية لكن الأخيرة أصرت على تطبيق الفقرة (16) مع تأجيل تطبيق الفقرتين (15 و 17) وأصدر السيد وزير الاقتصاد قراراً بتنفيذ مضمون الكتاب أي مضاعفة الرسوم الجمركية على جميع أنواع الخيوط الصنعية.
وتضاعفت للمرة الثانية الرسوم الجمركية على الخيوط الصنعية المستوردة ليرتفع عبء استيراد كغ خيوط البوليستر 51/1 من (14.33) ل.س إلى (17.37) ل.س (الجدول 6). أما خيوط الإكريليك 56/5 فقد ارتفع عبؤها من (42.26) إلى (59.39) ل.س/كغ (جدول 7). وفي الخيوط الممزوجة 56/5/أ/1 ارتفع العبء من 26.21 إلى 36.69 ل.س/كغ (جدول رقم 8).
إن الأنواع الثلاثة التي وردت في الجداول (6،7،8) هي خيوط كلاسيكية تُستعمل بكميات كبيرة. وهي التي تصنع مثيلاتها محلياً. بينما تستعمل الصناعات النسيجية مئات الأنواع الأخرى التي لا تصنع محلياً. وتتكون بغالبيتها من خيوط مفننة ذات قيمة عالية ويخضع أغلبها إلى نسب رسوم جمركية مرتفعة. وإذا أخذنا خيط العقادة كمثال عليها كما في الجدول (9) فإن نسبة الرسوم الجمركية المطبقة على هذا الخيط هي 47% ويستعمل هذا الخيط في تطريز الشرقيات كالأغباني والصرمة والملاءات والبروكار ولوحات الآيات الكريمة والعباءات المقصبة والجلابيات النسائية، وتظهر البيانات الجمركية التي تم تخليصها قبل 15/8/99 أن الرسم الجمركي على كل كغ يبلغ (59.40) ل.س/كغ. ارتفعت العام الماضي إلى (121.11). لتصل عند تطبيق القرار الجديد إلى (244.86) ل.س لكل كغ واحد رسوماً جمركية فقط. أي أنه بإضافة أعباء الاستيراد الأخرى سوف يرتفع مجموع عبء الاستيراد فوق (300) ل.س/كغ، علماً إن استعمال هذه الخيوط غالباً ما يكون من قبل ربات البيوت في عمليات التطريز اليدوي أو على آلات بسيطة. ويوفر ذلك فرص عمل للآلاف منهن. ويصدر معظم تلك المنتجات المطرزة إلى الدول العربية ويباع الباقي للسياح القادمين إلى سورية. ومن المعروف أن هذه الصناعة تراجعت كثيراً عند رفع الرسوم الجمركية في المرة الأولى في 15/8/99 حيث خسرت أسواقاً تقليدية مثل السوق الجزائري الذي كانت تصنع له اللباس التقليدي. كما خسرت قسماً كبيراً من أسواقها لمنتجات الآيات القرآنية المطرزة وغيرها حيث لجأت الدول المستوردة لها إلى أسواق بديلة مثل المغرب وتركيا ودول جنوب شرق آسيا. ومن المؤكد أن تفقد معظم منتجات هذه الصناعة قدرتها على المنافسة بعد تطبيق القرار الأخير، مما سوف يتسبب بفقدان آلاف ربات البيوت فرصة العمل الذي يساهم في إعالة أسرهن، ونفقد بذلك أسواقاً تقليدية بنيناها على مدى العقود الماضية وجزءاً هاماً من صادراتنا التي تتمتع بقيم مضافة مرتفعة جداً.
جدول (9)
نوع الخيط | رسم أساسي مع الإضافات | دولار جمركي | الرسوم الجمركية فقط | مستوردات 1999 |
خيط عقاده 58/7/ب | 47% | 11.25 | 59.40 جمرك | |
خيط عقاده 58/7/ب | 47% | 23 | 121.11 جمرك | |
خيط عقاده 58/7/ب | 47% | 46.5 | 244.86 جمرك |
الرابحون والخاسرون من عرقلة استيراد الخيوط الصنعية:
جاء في الدراسة التي قدمتها الجايكا اليابانية بتكليف من وزارة الصناعة عن واقع الصناعات النسيجية وآفاق مستقبلها التوصيات التالية:
*الاستفادة الكاملة من مزايا البلاد الأساسية، وهي رخص كلفة الإنتاج، وذلك بحياكة النسج الصناعية المستوردة والمواد الثانوية وتحويلها إلى ألبسة معدة للتصدير بعد إدخال قيم مضافة عالية وتوفير فرص عمل.
*الاستفادة من تصدير الملابس المصنعة من النسج الصناعية المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي، والتوسع في أنشطة شركات القطاع الخاص التي تصدر كافة منتجاتها إلى الاتحاد الأوروبي والدول العربية المجاورة.
كما جاء في كتاب غرف الصناعة والتجارة في سورية إلى رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 17/10/2000 ما يلي:
“تبقى الحاجة كبيرة وملحة لتلبية احتياجات المنشات الصناعية القائمة من الخيوط الصنعية التي لا تصنع محلياً عن طريق استيرادها من الخارج، مثل: الخيوط الممزوجة – الصوف مع الأكريليك – الفيسكوز مع الليكرا – الأكريليك مع النايلون – الصوف مع النايلون – البوليستر – البوليستر مع الفيسكوز – البوليستر مع المايكرو فيبر – النايلون – البوليستر مع النايلون .. وغير ذلك، والتي يتم استيرادها من الخارج ولا يتوفر بديل محلي لها. كما وأن الإمكانيات الفنية للمعامل القائمة وطبيعة ومواصفات السلع المنتجة والمستخدمة للخيوط التركيبية لا تمكن من استبدال تلك الخيوط بالغزول القطنية، فمنتجات التريكو مثلاً تتميز بمواصفات الخيوط الممزوجة والأكريليك وإمكانياتها الفنية، وكذلك السجاد يتطلب الخيوط التركيبية لتحقيق المتانة ومثله الجوارب، لذا فمن المستحيل استخدام بدائل عن تلك الخيوط بغزول قطنية.
لذلك فإن تطبيق القرار المشار إليه سوف يؤدي إلى رفع تكاليف استيراد هذه الخيوط الصنعية التي تعتبر خبز الصناعة الوطنية كما أنه سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للسلع المصنعة منها وعدم قدرتها على منافسة مثيلاتها غير السورية في السوق الداخلي والخارجي، وسيعمل على توقف العديد من المعامل وصرف عمالها، الأمر الذي سيساهم سلباً في البرنامج الوطني لمكافحة البطالة وأيضاً إلى توقف الاستثمار الصناعي في قطاع النسيج المستخدم للخيوط الصنعية وانخفاض كميات التصدير النظامي وبصحبة مسافر إلى الأسواق المجاورة.
لذا نرجو من سيادتكم التكرم بالتوجيه لإعادة النظر في القرار المشار إليه أعلاه لما له من منعكسات سلبية على الفعاليات الاقتصادية في القطر وحمايةً لقطاع الصناعات النسيجية والعاملين فيه وحرصاً على استغلال الاستثمارات الكبيرة الموظفة به والتي تتطلع إلى النمو والتوسع”.
وجاء كلام السيد وزير الصناعة الذي نشر مؤخراً في جريدة البعث بتاريخ 7/11/2000 ليؤكد عدم وجود أية علاقة بين مستوردات الخيوط الصنعية وبين تراكم المخازين من الغزول والأقمشة القطنية في مستودعات النسيجية. حيث قال:
“لا علاقة لهذا القرار بمخزوننا من الخيوط القطنية لدى (النسيجية) وقد باشرنا بتصدير هذه المخازين إلى أوروبا الغربية وفتحنا أسواق جديدة لهذه المادة في العديد من دول العالم، فالأول مرة دخلت هذه الخيوط القطنية مصر وباتت الآن في وضع يضاهي وينافس العديد من منتجات دول العالم من هذه الخيوط، لا سيما الهندية والباكستانية وغيرها“.
مما تقدم نتبين أن الصناعات النسيجية التي تستعمل الخيوط الصنعية هي صناعات قائمة بذاتها وتشكل شريحة كبيرة وهامة من الصناعات النسيجية السورية وأن تشجيعها وتطويرها وزيادة قدرتها على المنافسة واجب وطني، خاصة إذا علمنا أن أرقام التجارة الخارجية تبين أن صادرات سورية من المنتجات النسيجية والملابس التي تعتمد في مادتها الأولية على هذه الخيوط زادت في السنوات (95-1999) عن مليار دولار. ومما جاء في كتاب غرفة صناعة حلب أن 80% من الخيوط الصنعية المستوردة يعاد تصديرها على شكل منتجات نسيجية وملابس. ومن المعروف أن تلك المنتجات من الكنزات الشتوية والملابس المصنعة من الأقمشة الممزوجة والبوليستر والستائر وأقمشة المفروشات المصنعة من البوليستر والفيسكوز وسجاد الصلاة والزينة والمطرزات على الأقمشة الحريرية كل تلك المنتجات قد وجدت لها أسواقا في العديد من الدول العربية والأجنبية. وإن قسماً كبيراً من تلك المنتجات يصدر بصحبة مسافر أو عن طريق مكاتب الشحن بشحنات صغيرة لكنها عديدة ومتكررة إلى دول مثل روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة والأردن ولبنان والعراق والسودان جkfdm ,ohwm H[kfdmأأوالجزائر وليبيا والكثير من الدول الأخرى.
*تدل الإحصائيات العالمية على أن نسبة الألياف الصناعية من مجمل استهلاك الألبسة والأنسجة في العالم ترتفع باستمرار. حيث ارتفعت من 22% عام 1970 إلى 36% عام 1989 و(39%) عام 1990، ومتوقع أن تصل إلى (42%) عام 2000.
وبما أن هذه الصناعة من الصناعات العريقة والتقليدية في سورية فإنه من الطبيعي أن تزداد حصتها من الأسواق التصديرية وهذا يتطلب أن تعمل الدولة على تشجيعها (كما اقترحت الجايكا) عن طريق توفير احتياجاتها من مادتها الأولية من الخيوط بالأسعار العالمية عن طريق تبسيط إجراءات استيرادها وعدم تحميلها أية رسوم جمركية. وهذا من بديهيات تشجيع صناعة واسعة وتملك حظاً كبيراً في التصدير مثل الصناعات النسيجية التي تعتمد على الخيوط الصنعية. وهذا ينطبق على تشجيع الصناعات النسيجية التي تعتمد على الخيوط القطنية بتوفير تلك الخيوط بالأسعار العالمية وبالنوعيات الجيدة والمطلوبة.
مما سبق يتبين أن أية عرقلة في عمليات استيراد الخيوط الصنعية وتحميلها أعباءً كبيرة في الاستيراد والرسوم الجمركية إنما يتسبب بضرر بالغ لتلك الصناعة الواسعة التي تعتبر الأكبر في سورية من حيث عدد فرص العمل، وتساهم في الصادرات المصنعة، وتغطية احتياجات السوق المحلي، حيث يصل عدد المنشآت الصناعية فيها إلى أكثر من (6000) والحرفية إلى ما يزيد عن (3000)، إضافة إلى عدد مماثل من المنشآت المتممة، كما يملك القطاع الخاص وحده (20) ألف نول نسيج آلي و(13700) آلة حياكة.
إن تعدد استعمالات المنتجات النسيجية التي تعتمد على الخيوط الصنعية والتطور الكبير الذي طرأ عليها في العقود الأخيرة ونتيجة متانتها واعتدال أسعارها جعل منها صديقاً للشعوب الفقيرة. وإن ضيق الحال لدى النسبة العظمى من الشعب السوري الذي يستعمل تلك المنتجات سوف يصاب بالمزيد من الإرهاق عند ارتفاع أسعار منتجاتها النهائية. فإذا أخذنا على سبيل المثال كنزة الإكريليك التي تستهلك نصف كغ خيوط نجد أن تحميل استيراد الكغ الواحد 59.39 ل.س كما هو مبين في الجدول (7) يزيد كلفة الخيط اللازم (30) ل.س وتنعكس هذه الزيادة في المنتج النهائي بأكثر من (60) ل.س بعد إضافة كل تكاليف التصنيع وأرباح تجار الجملة والمفرق. كما أن هذه الزيادة الكبيرة في التكاليف عن السعر العالمي لابد أن تشكل عائقاً أمام قدرة الكنزات المصنعة محلياً على المنافسة في أسواق التصدير.
إن واقع الصناعات النسيجية في سورية يبين أنها تمر بمرحلة صعبة من الكساد في نتيجة ضعف الأسواق المحلية وتراجع قدرتها على المنافسة في أسواق التصدير. حيث من المعلوم أن أكثرية المنشآتالحرفية والصناعية الصغيرة والمتوسطة تعمل بجزء من طاقتها قد لا يتجاوز 25% وإن القرار الجديد بمضاعفة الرسوم الجمركية سوف يسدد لها ضربة جديدة يمكن أن تطلق رصاصة الرحمة على قسم كبير من تلك المنشآت. خاصة عندما يأتي مثل هذا القرار في الوقت الذي تسعى فيه الدول الأخرى إلى مساعدة وتنشيط صناعاتها المماثلة عبر إعفاء مادتها الأولية من الخيوط من جميع الضرائب والرسوم.
يتبين مما تقدم أن الخاسرين من تطبيق القرار الأخير هم آلاف المنشآت الحرفية والصناعية وعشرات ألوف العمال الذين سيخسرون فرص عملهم نتيجة هذا القرار والعبئ الجديد الذي سيتحمله المستهلك المحلي والصادرات التي يتوقع أن تنخفض بشكل كبير.
أما الرابحون فهم خزينة الدولة التي ستحصل رسوماً مضاعفة والعدد المحدود من أصحاب معامل الخيوط الصنعية. وبالعودة إلى لغة الأرقام نلاحظ أن قيمة ما نقدمه من حماية لذلك العدد المحدود من أصحاب مصانع الخيوط الصنعية المحظوظين عبر زيادة أعباء استيراد الخيوط المماثلة لمنتجاتهم تصل إلى أرقام خيالية كأرباح إحتكارية يمكن تقديرها على الشكل التالي:
أولاً: معمل وحيد ينتج خيط البوليستر/فيسكوز بطاقة 15 مليون كغ سنوياً: إذا ضربنا هذه الكمية بعبء استيراد كل كغ من الخيوط المماثلة (وهو 36.69 ل.س حسب الجدول 8) فإن المرابح الإضافية السنوية لهذا المعمل ستبلغ 550 مليون ل.س مقارنة مع ما يبيعه معمل مماثل يتم استيراد إنتاجه إلى سورية من نفس أنواع الخيوط إذا اعتبرنا أن الجودة متساوية علماً أن الخزينة السورية تقدم دعماً يقدر بثلثي كلفة الكهرباء اللازمة كما تقدم قسماً كبيراً من تكاليف المعيشة للعاملين في ذلك المصنع عن طريق دعم المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات وغيرها من الخدمات المجانية. أي أنه إذا أجرينا حسابات دقيقة نجد أن الشعب السوري يدفع لذلك المصنع بشكل غير مباشر عن طريق الدعم المذكور أكثر من مجموع أجور العمالة. واذا أردنا تحديد الأرباح الاضافية السنوية التي سوف يجنيها هذا المصنع من انعكاسات القرار الجديد فقط فهي 15 مليون X 10.48 ل.س = 157.2 ملين ل.س.
ثانياً: سبعة معامل متوسطة تنتج ما يقارب 8 مليون كغ من خيط الإكريليك سنوياً: وبضرب هذا الرقم بعبء استيراد كل كغ (والبالغ 59.39 ل.س حسب الجدول 7) فإن المرابح الإضافية السنوية لتلك المعامل تبلغ 475 مليون ل.س قياساً بمثيلاتها التي نستورد خيوطها المماثلة إلى سوريا، وبنفس شروط تكاليف الإنتاج التي ذكرت في المثال السابق. أما الأرباح السنوية الإضافية التي ستجنيها تلك المعامل والناتجة عن القرار الأخير حصراً فهي:
8مليون كغ X 17.13 ل.س = 137 مليون ل.س
ثالثاً: معملان لتطعيج خيوط البوليستر في سوريا بطاقة تقريبية هي 15 مليون كغ سنوياً: يبلغ الربح الإضافي الناتج عن عبء استيراد مثيل يلك الكميات: 15 مليون X 17.37 ل.س = 260 مليون ل.س سنوياً. أما الربح الإضافي الذي يحققه هذان المعملان نتيجة القرار الجديد حصراً فيبلغ 45.6 مليون ل.س سنوياً علماً أن هذين المعملين يستوردان خيوط البوليستر الخام ويضيفان عليها عملية تطعيج بسيطة لتصبح صناعة محلية. وأن القسم الأكبر من تكاليف الإنتاج هو قيمة الطاقة الحرارية اللازمة لذلك والمدعومة من قبل الدولة.
نستنتج مما تقدم أن مجموع الأرباح الإضافية التي تجنيها المعامل العشرة المذكورة من مجمل عبء الاستيراد المفروض على مستوردات الكميات المشابهة لمنتجاتها 550 + 475 + 260 = 1285 مليون ل.س سنوياً
أما الأرباح الإضافية التي سوف تحققها المعامل المذكورة نتيجة القرار الجديد حصراً فهي:
157.2 + 137 + 45.6 = 339.8 مليون ل.س سنوياً
أما مجمل الأعباء التي تتحملها الصناعات النسيجية التي تستعمل الخيوط الصنعية فيمكن تقديرها على الشكل التالي:
1 – أعباء خيوط بوليستر مستوردة: 76357000 كغ X 17.37 عبء استيراد الكغ = 1.326 مليار ل.س
2 – أعباء خيوط إكريليك مستوردة: 7864000 X 59.39 ل.س = 467 مليون ل.س
3 – أعباء خيوط ممزوجة مستوردة: 35001000 X 36.69 ل.س = 1.284 مليار ل.س.
4 – أعباء خيوط أخرى مختلفة مستوردة: الكمية هي 20000000 كغ تقريباً فإذا اعتبرنا متوسط عبء الاستيراد هو نفس عبء خيط الإكريليك أي 59.39 ل.س فستكون النتيجة 1.188 مليار ل.س علماً أن هذه الكميات هي من مئات الأنواع المختلفة من الخيوط المفننة غالية الثمن التي قد يصل عبء استيراد الكغ في بعضها أكثر من 300 ل.س كما هو الحال في خيط العقادة (جدول 9)
وهكذا فإن مجمل أعباء الاستيراد على كافة أنواع الخيوط الصنعية المستوردة يكون:
1.326 + .467 + 1.284 + 1.188 = 4.265 مليار ل.س
وبجمع مجمل أعباء الاستيراد والأرباح الإضافية التي تحققها المصانع المحلية فسنصل إلى مجموع المبالغ التي تتحملها صناعاتنا النسيجية من الخيوط الصنعية زيادة عن منافسيها في البلدان التي لا تحمل الخيوط الصنعية أية رسوم جمركية أو أعباء أخرى
1.285 + 4.265 = 5.55 مليار ل.س
إن هذا المبلغ هو ما يدفع بشكل نظامي. وبإضافة ما يتوجب دفعه بشكل غير نظامي خلال عمليات التخليص سوف يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من (6) مليار ل.س سنوياً
إن الرقم النهائي لمجمل ما تتحمله الصناعات النسيجية التي تستعمل الخيوط الصنعية في سورية والذي يزيد كما رأينا عن (6) مليار ل.س سنوياً لابد أنه يشكل عائقاً كبيراً أمام قدرة هذه الصناعات على المنافسة خاصة إذا علمنا أن استيراد هذه الخيوط معفى بالكامل من أية رسوم في الأردن وأن قراراً صدر اليوم في لبنان يعفيها أيضاً من أية أعباء جمركية أو غير جمركية وأن هذا الإعفاء مطبق في الكثير من الدول التي تنافس بضائعها المماثلة بضائعنا ولذلك يجب أن لا نستغرب أن آلاف المنشآت الحرفية والصناعية الصغيرة والمتوسطة التي تستعمل الخيوط الصنعية تعمل بجزء قد لا يتعدى 25% من طاقتها كما أننا يجب أن لا نفاجئ، في حال استمرار تنفيذ هذا القرار الأخير، من رؤية الآلاف من تلك المنشآت تغلق أبوابها وتسرح عمالها.
أما في حال تطبيق الشق الآخر من قرار السيد رئيس مجلس الوزراء برفع عمولة ” نسيج ” من 2.5% إلى 22.5% فإنه يعني التدمير شبه الكامل لتلك الصناعة حيث يقدر ما يفرضه ذلك من أعباء إضافية سنوياً على تلك الصناعة بأكثر من (4) مليار ل.س إضافية ليصبح مجموع العبء على هذه الصناعة أكثر من (10) مليار ل.س سنوياً.
إن كل الأرقام التي وردت مأخوذة من إحصائيات التجارة الخارجية والدوائر الجمركية. وهي موثقة واحتمالات الخطأ لا تتجاوز الـ 5% إن وجدت. وأنا على استعداد لمناقشتها مع كل من يملك أرقاماً مغايرة. وكل ما أتمناه أن نكون جميعاً حريصين على معرفة الحقيقة كاملة وأن نضع بين أعيينا قبل كل شيء مصلحة الاقتصاد الوطني من خلال رعاية صناعتنا الوطنية ومساعدتها في رفع قدرتها على المنافسة في وقت تواجه فيه تحديات كبيرة وتتعاظم من حولها ضراوة المنافسة، وأن لا نكون كمن يهدم بيته بيديه فندمر تلك الصناعة الواسعة الانتشار في سورية ليتحول عشرات ألوف العمال من جديد إلى سوق البطالة بدلاً من توفير عشرات ألوف فرص العمل الجديدة في هذه الصناعة وأن لا نخسر أسواقنا التصديرية التقليدية لتلك المنتجات بل أن نضاعفها ونعمل على دخول أسواق أخرى في وقت أصبح فيه اعتماد صادراتنا على النفط يشكل خطراً يقترب منا سنة بعد سنة.
ملابسات إصدار القرار الأخير:
بعد صدور قرار وزارة الاقتصاد بمضاعفة الرسوم الجمركية على الخيوط الصنعية بكل مسمياتها تعالت الاستغاثات من الحرفيين والصناعيين وبذلت الكثير من المحاولات مع السيد رئيس مجلس الوزراء ونائبه لشؤون الاقتصاد والسادة الوزراء أصحاب العلاقة. وباءت كل محاولات إقناعهم بالعدول عن هذا القرار الخاطئ بالفشل. وتم تكليفي من قبل غرفتي الصناعة في دمشق وحلب بإثارة هذه المشكلة في مجلس الشعب. وبعد أن قدمت مداخلتي في هذا الموضوع بتاريخ 23/10/2000 والتي جاء في خاتمتها ما يلي: “سيادة الرئيس.. السادة الزملاء .. إن ترك هذا القرار يدخل حيز التنفيذ، يعني موافقتنا على مذبحة جماعية تصيب العديد من المنشآت الحرفية والصناعية الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجال الصناعات النسيجية، والتي تعاني أصلاً من ضعف وهزال شديدين بما تواجهه من عقبات تعيقها عن المنافسة، فأرجو مؤازرتي لإيقاف تنفيذ هذا القرار فوراً، ريثما تُشكّل لجنة من مجلسنا الكريم تدرس بشكل ميداني هذه المشكلة التي بين يديكم، لنتمكن بالتعاون مع الحكومة باتخاذ القرارات الصائبة التي تؤدي فعلاً إلى تنشيط وتطوير صناعتنا النسيجية في القطاعين العام والخاص، والتي تُجمع كل آراء الاقتصاديين على أنها الحامل الأول لنهضتنا الاقتصادية على المدى القريب والمتوسط.” جاء رد السيد وزير الاقتصاد على الشكل التالي:
“أشكر الأستاذ سيف على هذا الشرح المدعم للصناعة المحلية. كنت أتمنى من الأخ سيف أن يعطي كامل الصورة بأجمعها وهو يعرفها لا أن يعطي جزءاً منها.
سيدي الكريم .. في مناسبات مختلفة قدمت وزارة الصناعة تقاريراً إلى ما يسمى بالاجتماعات النوعية التي كان يعقدها السيد رئيس مجلس الوزراء، وقالت أن لديها كميات كبيرة من الغزول القطنية تريد أن تصرفها. واتخذت قرارات مختلفة . وفي الاجتماع الأخير الذي تم منذ أكثر من شهر في وزارة الصناعة، وحضره السيد رئيس مجلس الوزراء والسيدان نائبي رئيس مجلس الوزراء وحضور واحد أو أكثر من أعضاء القيادة القطرية ورئيس اتحاد نقابات العمال بالإضافة إلى السيد وزير المالية وعدد آخر من الوزراء وعدد كبير من الخبراء. وكان لدي اجتماعات أخرى فحضرت قسماً من هذا الاجتماع وقد قام مدير عام النسيجية بعرض الموضوع المتعلق بتوفر الخيوط القطنية الموجودة لديه وصعوبة تصدير هذه الغزول والفروق الكبيرة بين الأسعار المختلفة المتعلقة بها. وتم الاقتراح وسجل في محاضر الجلسات ثلاث مقترحات المقترح الأول رفع سعر الدولار الجمركي إلى سعر الدول المجاورة. الاقتراح الثاني رفع عمولة مؤسسة النسيج إلى أكثر مما هي عليه. الاقتراح الثالث إضافة ضريبة ضميمة على استيراد الخيوط الصنعية حتى تصيب الدول المعفاة من الرسوم الجمركية وبهذه الضميمة يرتفع سعرها.
هذه هي الأمور الثلاثة التي وضعت في تقرير صادق عليه رئيس مجلس الوزراء ووقعه السادة الذين كانوا حاضرين في هذا الاجتماع. أرسل هذا التقرير إلى وزارة الاقتصاد وطلب إليها أن تنفذ. أخذت هذا التقرير وعرضته على السيد رئيس مجلس الوزراء وقلت له أن بعض هذه الأمور تحتاج إلى لجنة ترشيد إذ أن لدينا كما تعلمون لجنة اسمها لجنة الترشيد وهذه القرارات يجب أن تصدر عن وزارة الاقتصاد بناء على قرار لجنة الترشيد. أتاني كتاب آخر موقع من السيد رئيس مجلس الوزراء وأخبرني السيد رئيس مجلس الوزراء أن السيد وزير الصناعة بتقديم عدة كتب ومقابلات من أجل سرعة تنفيذ التوصيات التي اتخذت في ذلك الاجتماع. وعقد اجتماع آخر مع السيد رئيس مجلس الوزراء وأرسل إلي كتاباً يطلب فيه تنفيذ هذه الأمور الثلاثة. فاتفقت مع السيد رئيس مجلس الوزراء على أن العمل بالاقتراح الأول أو الإجراء الأول هو الذي يمكن العمل به في ظل هذه الظروف وطلبت فيه أن لا نقوم بتنفيذ الإجراءين المقترحين من وزارة الصناعة بخصوص عمولة نسيج وبخصوص الضميمة المطلوب إضافتها. الآن هذا ما قام به وزير الاقتصاد ولم يقم به بناء على رغبة شخصية أو بناء على دراسة أعدت لديه وإنما قام به هو تنفيذ التوجيه الصادر بموافقة خطية وبكتاب مسند إلى اجتماع تم فيه عرض هذا الموضوع. بالإضافة إلى ذلك نأتي الآن إلى الموضوع بحد ذاته الذي يتحدث عنه الأستاذ سيف . الزيادة تقرب الثلاث ليرات سورية أو عشرة حسب نوعية الخيوط. وحسب الدراسة الموجودة لدي هذه الزيادة بعد تعديل السعر الجمركي تؤدي إلى زيادة ما بين /3-10/ ل.س على سعر الكغ الواحد. وهذا هو الكتاب موجود لدي. قد تختلف الأمور الآن قد تختلف الأسعار هذا ليس مهماً. وقد عقدنا اجتماعاً مع السيد رئيس مجلس الوزراء وبعد حديث طويل ألف لجنة برئاسة السيد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية وفيها وزير المالية ووزير الصناعة ووزير الاقتصاد وحضر هذا الاجتماع عدد كبير من الأخوة الصناعيين لا أدري إذا كان السيد رياض سيف بينهم وبحث هذا الأمر وأبدى برأيه كل من كان موجوداً بصورة واضحة وصريحة. تم الاتفاق وعرض موضوع هذا القرار المتعلق بتعديل الدولار الجمركي وطبعا كان هناك من لم يقبل به وذلك في ضوء الشرح التالي: الكغ الواحد من الغزل يمكن أن يباع حسب نوعية المادة التي تصنع بحوالي /100-150/ ل.س أو أكثر من ذلك. الزيادة هي /3-10/ ل.س وإذا نحن عكسناها على الـ (150) ل.س معناها أن الزيادة ليرة واحدة بالنسبة للدولار الواحد أو ثلاث ليرات. أي إذا كانت الكنزة بـ (150) ل.س تصبح بـ (153) وعندما شرحت هذا الأمر للأخوة الصناعيين وقلت لهم أن الأثر المتعلق بهذا الموضوع هو ضئيل ولكن الأثر المتعلق بتغير عمولة نسيج سيكون أكبر من ذلك بكثير ولم يصدر قرار بهذا الشأن حتى الآن لذلك الأخوة الذين كانوا موجودين مع الأخ الدكتور خالد رعد تم الاتفاق بينهم على أننا سنجتمع مرة ثانية وسنتابع البحث في هذا الأمر مرة ثانية عند عودة السيد رئيس مجلس الوزراء من الجولة التي يقوم بها على بعض المحافظات السورية. هذا ما تم بالفعل فإذا كان وزير الاقتصاد مخطئاً بحق هذا الاقتصاد نرجو السماح منكم. وشكراً.”
وبعد مداخلة السيد الوزير، ساهم بالرد الزميل مندوب اتحاد العمال مؤيداً قرار الحكومة، حيث اعتبره قراراً وطنياً وأن المتضررين منه هم بعض التجار من مستوردي الخيوط، وفي اليوم التالي جاء رد الزميل رئيس اتحاد الحرفيين، ليشكك بالمعلومات التي قدمتها، ويؤكد أن ليس لدى الحرفيين أية شكوى، وإن شكواهم الوحيدة هي من التجار الذين يستغلونهم.
وقد تقرر في جلسة الإثنين 23/10/2000 دعوة السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء أصحاب العلاقة لمناقشة هذا الأمر في المجلس في جلسة الأربعاء بعد يومين من ذلك التاريخ. ولكن السيد رئيس مجلس الوزراء والسادة الوزراء تغيبوا عن الجلسة المذكورة وكلفوا السيد وزير الدولة الدكتور حسان النوري بالرد حيث قال: “أن هذا القرار يأتي ضمن توجه الحكومة نحو توحيد سعر الصرف للدولار الجمركي، وهذه الزيادة تراوحت ما بين (6.88) ل.س وهي أعلى زيادة و(1.6) ل.س وهي أدنى زيادة، وهذه الزيادة ليست بهدف تأثيرات معينة، ونأمل أن لا يتسرع الزملاء في الحكم”.
ونظراً لعدم اقتناع أكثرية الزملاء في المجلس برد الحكومة وإصراري على تشكيل لجنة من المجلس للتحقيق في هذا الموضوع فقد أقروا بأغلبية ساحقة تشكيل هذه اللجنة. ورغم تسمية السيد رئيس مجلس الشعب في اليوم التالي لرئيس اللجنة وأعضائها السبعة فإنها لم تعقد أي اجتماع حتى تاريخ كتابة هذه السطور.
وبعد أن نشرت جريدة البعث بتاريخ 30/10/2000 مداخلتي المذكورة كاملة جاء رد الحكومة بعد أسبوع من ذلك التاريخ في نفس الصحيفة على لسان وزراء الاقتصاد والصناعة ووزير الدولة الدكتور حسان النوري حيث كرر السيدان وزير الاقتصاد والدولة أقوالهما في المجلس، أما السيد وززير الصناعة فقد جاء في رده: “إن قرار تعديل سعر الدولار الجمركي على المستوردات من الخيوط الصنعية ليصبح 46.5 ل.س بدلاً من 23 جاء كخطوة على طريق توحيد سعر صرف الدولار ونتيجة مطلب عام بتصحيح وضع اقتصادي قائم وهذا القرار قرار حكومي ونحن معنيون به ومشاركون في صنعه ونحن أيضاً معنيون بصناعتنا سواء كانت للقطاع العام أو الخاص” وأضاف السيد الوزير “أن مستورداتنا من هذه المادة سنوياً 170 ألف طن يتم تصنيعها داخل القطر ويعاد تصدير كمية لا تتجاوز 5% من المستوردات. ومن هنا فإن تأثير هذا التعديل لسعر الدولار سيكون طفيفاً بالنسبة للصادرات كما أنه لن يؤثر على المواطن مباشرة. من جهة أخرى فإن هناك عمليات الإدخال المؤقت التي ما زالت سارية حتى الآن ويمكن للمصنع استيراد حاجته من الخيوط الصنعية ليعيد تصنيعها داخل القطر ثم يصدرها وبهذه الحالة لن يتكبد المستورد والمصدر أية رسوم. هذا ولا علاقة لهذا القرار بمخزوننا من الخيوط القطنية (لدى نسيجية) وقد باشرنا بتصدير هذه المخازين إلى أوربة الغربية وفتحنا أسواقاً جديدة لهذه المادة في العديد من دول العالم. فلأول مرة دخلت هذه الخيوط القطنية مصر وباتت الآن في وضع يضاهي وينافس العديد من منتجات دول العالم من هذه الخيوط لاسيما الهندية والباكستانية وغيرها.”
وقد كرر الزميل رئيس الاتحاد العام للجمعيات الحرفية مؤكداً بأن للحرفيين منظمة ترعى مصالحهم وتتابع نشاطاتهم ومقترحاتهم وطلباتهم لتحسين وتفعيل أدائها. ونشير إلى أنه لم تردنا أية شكوى من الأخوة الحرفيين العاملين في هذا المجال بالرغم من تدارس الموضوع فيما بينهم ورأوا أنه ليس بذات أهمية وينسجم مع توجهات الدولة بتعديل وتوحيد سعر الصرف.
أما الزميل ممثل اتحاد العمال فقد أكد في نفس الصحيفة ما يلي: “الشيء الذي أريد أن أؤكد عليه بداية تأييدي لكل ما يحد من الاستيراد بغية تشجيع وتنشيط الإنتاج المحلي وأن يتم الضغط لاعتماد المواد الأولية المحلية بقدر الإمكان والاستغناء عن الاستيراد لدعم اقتصادنا الوطني فضلاً عن أن ذلك يساهم في وفرة وزيادة القيمة المضافة في الإنتاج.”
وفي نفس تقرير الصحيفة المذكورة جاءت آراء غرف الصناعة والتجارة في دمشق وحلب ومذكرة أصحاب معامل النسيج في حلب ورئيس الجمعية الحرفية للخياطة في ريف دمشق كلها مؤيدةً لما تقدمت به من حيثيات وأرقام توجب الرجوع عن هذا القرار لما يسببه من أضرار فادحة لصناعتنا النسيجية.
وقد قامت صحيفة الثورة بتاريخ 19/11/2000 بنشر تحقيق حول الموضوع نفسه وقد توصل الصحفي بعد التحقيق إلى نتيجة مفادها أن القرار المذكور لا يحمل أي ضرر بالصناعة الوطنية حيث قال: “يكفي بهذه الحالة التذكير ببعض الأرقام التي يفترض أنها اللغة الأكثر وضوحاً، فالسيد وزير الاقتصاد ومعه السيد وزير الصناعة ومدير عام مؤسسة الصناعات النسيجية أجمعوا من خلال دراسات إحصائية ورقمية بين أيديهم بأن الرسوم الجمركية التي ستضاف على الخيوط الصنعية لن تضيف أعباء تذكر على المستهلكين في السوق الداخلي إلا بنحو ليرة سورية واحدة على كل قطعة منتجة وهذه النسبة سوف تطال المنتج في السوق المحلي مثلما ستطاله في حال كان معداً للتصدير وأمام هذه الحقيقة فإن الأسئلة التي تفرض ذاتها أين هي الأعباء الضخمة التي ستضاف على المنتجات اللازمة عن الخيوط الصنعية؟! وكيف يمكن لنسبة ضئيلة وتكاد لا تذكر من إلحاق الأذى بالصناعة والصناعيين؟! ولماذا كل هذا الضجيج الذي يقول أن الصادرات النسيجية ستكون في دائرة الخطر؟!.
خاتمة:
في اليوم التالي لنشر البعث التحقيق المذكور قمت بزيارة أحد الوزراء المعنيين في مكتبه لمناقشة هذا الموضوع. وعندما وجهت إليه سؤالاً محدداً من هو المستفيد من هذا القرار أجاب أنها خزينة الدولة التي ستحصل 1.5 مليار ل.س إضافية من الرسوم الجمركية على الخيوط الصنعية.
دمشق، في 30/11/2000
رياض سيف
[1] المجموعة الإحصائية.
[2] على مدى أكثر من 10 سنوات، بقي المستهلك السوري يدفع ضعف السعر العالمي لشراء الجينز والمخمل نتيجة احتكار أحد الصناعيين في حلب لتلك الأقمشة، بعد أن منعت وزارة الاقتصاد منذ منتصف الثمانينات استيرادها بشكل كامل. حيث منع القرار استيراد جميع الأقمشة القطنية التي يزيد وزن المتر المربع منها عن 100 غ/م2، ومن المعروف أن وزن المتر المربع للجينز والمخمل لا يقل عن 250 غ/م2. ونظراً لأن حاجة السوق كانت أكبر بكثير من طاقة ذلك المصنع (ينتج المصنع 10.000 طن جينز سنوياً من أصل 46.000 طن استهلاك سورية السنوي من الأقمشة القطنية) فإنه استطاع بيعها بضعف السعر العالمي، مع أنه كان يدفع قيمة الخيوط للنسيجية بأقل من نصف السعر العالمي.