السيد رئيس مجلس مدينة فايمر المحترم

السادة أعضاء مجلس المدينة المحترمين

السادة الضيوف

السادة الحضور

 بكل احترام اسمحوا لي أن اعبر لكم باسمي شخصيا وباسم والدي وباسم عائلة سيف عن عميق الشكر والامتنان لكم على هذه المبادرة الكريمة والوقفة النبيلة التي كان لها بالغ الأثر في نفوسنا جميعا، وعلى وجه الخصوص الأثر المعنوي الكبير لدى والدي رياض سيف في محنته الصعبة التي يقضي فيها حكما ظالما بالسجن لمدة خمس سنوات، حكما أصدروه بحقه لا لذنب أو جريمة اْقترفها، وإنما فقط لأنه تصرف بوحي من واجبه ووجدانه الإنساني كعضو في مجلس الشعب، من حقه بقوة القانون المرعي والدستور المعمول به مراقبة ومساءلة الحكومة وأيضا من حق المواطنين الذين أوصلوه إلى مقاعد البرلمان واجب أن يدافع عن حقوقهم ومظالمهم وصون كرامتهم.

أيها السيدات والسادة:

 إن والدي محط احتفاءكم وتكريمكم النبيل اليوم، كان من أهم رجالات الصناعة النسيجية في سورية، ومن أوائل المصدرين السوريين إلى دول أوروبا والعالم، عرف بجده وإتقانه لعمله واستقامته في تعاملاته التجارية، والأهم من ذلك، عرف عن والدي تفرده في تجسيد علاقة إنسانية سامية مع عماله لم تألفها بلادنا، من خلال ما كان يقدمه لهم من خدمات اجتماعية ورعاية صحية، ولهذا أصبح والدي محط إعجاب الناس في بلادنا، ومحل اهتمام الممثلين الدبلوماسيين والتجاريين في السفارات العربية والأجنبية.

أيها السادة:

 في عام 1994 دخل والدي انتخابات الدور التشريعي السادس لمجلس الشعب مرشحا مستقلا عن مدينة دمشق، وفاز فيها بأعلى نسبة أصوات، وبفوزه شهد مجلس الشعب السوري ولأول مرة منذ أربعون عاما، صوتا حرا يدافع بصلابة عن الصناعة الوطنية وضرورة حمايتها كسبيل وحيد لحل مشكلة البطالة وتحسين مستوى معيشة المواطنين في بلادنا، ومطالبا قويا بمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الحريات الفردية وحقوق الانسان.

تعمقت التجربة البرلمانية لوالدي واغتنت، بعد فوزه الساحق أيضا في انتخابات الدور التشريعي السابع نهاية عام 1998، من خلال مداخلاته الجريئة وتقاريره ودراساته الموثقة التي كشفت أمراض المجتمع، وفضحت قوى ألفساد وصفقاتهم المشبوهة، كصفقة عقود الخليوي التي ألحقت أفدح الخسائر باقتصادنا الوطني، وهو أيضا أول من تجرأ وطالب من تحت قبة البرلمان بكسر احتكار حزب البعث للسلطة، ولهذا كله أصيح رياض سيف مركز استقطاب مختلف شرائح المجتمع السوري، ومحل اهتمام وسائل الأعلام المحلية والعربية والدولية.

أيها السادة:

لقد أدرك والدي أن أي إصلاح اقتصادي لن يكلل بالنجاح ما لم تسبقه عملية إصلاح سياسي يؤمن مناخا ديمقراطيا تعددياً، يتيح لجميع السوريين العمل والمشاركة في عملية بناء وطن الرفاه والعدل والحرية، ومن هذا المنطلق تداعى والدي مع عدد من المثقفين ورجالات السياسة في سورية إلى تأسيس جمعية أصدقاء المجتمع المدني، وعندما رفضت الجهات المعنية الترخيص للجمعية، قام والدي بتأسيس وافتتاح منتدى الحوار الوطني في منزله الكائن بضواحي العصمة دمشق، وكان المنتدى يطرح ويناقش أسبوعيا قضايا المجتمع المدني وحقوق الإنسان وموضوعات أخرى ثقافية وسياسية، وبخطوته هذه فتح الباب واسعا لانتشار ظاهرة المنتديات الثقافية والسياسية في مختلف المحافظات السورية0 كما قام والدي مع حقوقيين ومثقفين بتأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في سورية، كما كان عضوا مؤسسا للجان المجتمع المدني. وهذه المواقف، لم تعجب الكثير من أصحاب النفوذ السياسي والمصالح الشخصية في بلادنا، فحاولوا إسكاته عبر إغراءات المال والمركز، وعندما رفض أن يبيع ضميره ووجدانه لم يتركوا وسيلة لمحاربته اقتصاديا ومعنويا الا واستخدموها، فكلفوه بضرائب كيدية بعشرات الملايين، تطلب سدادها بيع كل أهمه في شركة سيزا( أدي داس) والتي كان يملكها مع شريك آخر.

 وعندما لم تجدي هذه الوسيلة أيضا في إسكاته وظل ثابتا على مواقفه، لجأت قوى النفوذ والمصالح إلى محاربته سياسياً، خاصة بعد أن أصيح رمزا هاما من رموز المجتمع المدني في سوريا أو ما أتفق على تسميته بربيع دمشق فرفعت عنه الحصانة البرلمانية بشكل غير دستوري وقدم إلى محاكمة صورية حكمت عليه بتوجيه بالسجن خمس سنوات.

أيها السيدات والسادة:

 في المنعطفات التاريخية والمحطات الكبرى من حياة أي شعب، لابد من توفر رموز ووجود أشخاص يكافحون ويبذلون التضحيات والجهود الجسام لتعبيد طريق الرفاه وسطوع شمس الحرية والكرامة والتي لابد أن تسطع عاليا في بلادنا، وفي هذا عزاؤنا في محنة والدي وزملائه الآخرين، لا بل عزاؤنا في احتفائكم هذا وتكريمكم النبيل.

خالص الشكر والامتنان لكم جميعا، وكل التقدير والاحترام على حسن اهتمامكم.

الحرية لكل سجناء الرأي والضمير والمدافعين عن حقوق الانسان في بلادنا وفي العالم أجمع.

 وشكرا

جمانة سيف 10/12/2003