ست نقاط أثرناها مع وفود الكونغرس الأمريكي

المعارض السوري رياض سيف “للشفاف”

10.04.2007

ست نقاط أثرناها مع وفود الكونغرس الأمريكي:

القضية الفلسطينية وتحرير الجولان مفتاح الحل في المنطقة

الدولة الديمقراطية وليس الفراغ السياسي والحرب الأهلية هي خيار الشعب السوري

لم تكن زيارة بعض الشخصيات الرسمية الأمريكية إلى سوريا مؤخرا بالحدث العابر بالنسبة للسلطة السورية. لكنها من ناحية أخرى لم تكن حدثا يخص السلطة وحدها، بل كان فيه للمعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا مشاركة ودور، حيث التقت تلك الوفود بشخصيات مختلفة من المعارضة في مبادرة لها دلالاتها .

أحد أبرز أعضاء إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، وأحد معتقلي “ربيع دمشق” السابقين لأكثر من خمس سنوات، النائب السابق رياض سيف، كان من بين من التقوا بوفود الكونغرس الأمريكي التي زارت سوريا مؤخرا. عن أهمية هذه اللقاءات ومغزاها والرسالة التي أرادت المعارضة السورية إيصالها من خلالها كان لنا هذا اللقاء مع السيد رياض سيف. 

•             كيف تنظرون إلى لقاء شخصيات من المعارضة السورية بوفود وشخصيات رسمية غربية؟ وما هو الهدف من مثل هذه اللقاءات؟

– تسعى السلطة في سورية بالإضافة إلى محاصرة قوى المعارضة في الداخل إلى عزلها عزلاً تاماً عن العالم الخارجي بذرائع مختلفة موجهة واحدة أو أكثر من تهم اللاوطنية، العمالة، الاتصال بالخارج والاستقواء به، لكل معارض يقيم أي صلة مع العالم الخارجي (منظمات مجتمع مدني، مؤسسات رسمية، مثقفين..) مهما كان نوعها. وهي تهم وجهت لكثير من معتقلي الرأي مؤخرا إما بصيغة تهم يحاكمون بموجبها أمام القضاء أو عن طريق استخدام الإعلام الرسمي للتشهير بهم ووصمهم بالعمالة واللاوطنية.

كما كانت إحدى ذرائع السلطة في وقف نشاط منتديات ربيع دمشق بأنها مخترقة من قبل الماسونية العالمية ونوادي الروتاري التي يسيطر عليها اليهود وفقا لما نشر في الصحافة الرسمية.

 وفي الطرف المقابل نرى أن أركان السلطة يستقطبون قيادات المعارضة في لبنان و العراق والأردن ويعتبرونهم ممثلين للقوى الوطنية في بلدانهم.

كما نرى ممثلي بعض البعثات الدبلوماسية للدول الحليفة للنظام مثل الدبلوماسيين الإيرانيين، يتحركون بحرية ويلتقون  بمن يرغبون من السوريين ويقدمون الهبات دون أن تلحق تهمة العمالة والاستقواء بالخارج بمن يتعامل معهم من السوريين. وفي لبنان نجد المثال الأكثر فظاظة. فبينما تتبنى السلطة السورية المعارضة اللبنانية وتقدم لكل أطرافها جميع أنواع الدعم المادي والإعلامي وتؤيد اعتصامها ونصبها الخيم لشهور في ساحات بيروت الرئيسية، باعتبارها معارضة وطنية وتمارس حقها الديمقراطي، نراها تقمع دون هوادة الاعتصام السلمي الذي دعت إليه قوى إعلان دمشق لساعة واحدة أمام القصر العدلي للاحتجاج على فرض حالة الطوارئ لمدة أربع وأربعين عاماً متواصلة، معتبرة أي اعتصام تقوم به المعارضة السورية عملاً لا وطنياً يخدم مصالح العدو الخارجي.

إن أولوية النظام في علاقاته مع الخارج موجهة لخدمة بقائه في السلطة والتي كثيراً ما تكون على حساب مصالح الشعب السوري. أما قوى المعارضة فإنها تسعى للدفاع لبناء علاقة متوازنة مع الأسرة الدولية ككل والدفاع عن مصالح الشعب وحقه في المشاركة في إدارة شئونه وتقرير مصيره

•             هل هذا موقف جميع أقطاب المعارضة السورية في الداخل، وكيف تردون على مثل تلك الاتهامات بالعمالة والارتباط بالخارج؟

– بكل أسف فإن بعض أطياف المعارضة ما زالت تعزل نفسها عن العالم الخارجي خشية أن توصم باللاوطنية, وفي بعض الأحيان تساهم  عن غير قصد في  تأكيد تلك الاتهامات، مع العلم بأن المعارضة في سورية معارضة وطنية بامتياز، ولا تنتظر أي مغانم أو تسعى وراء أية مكاسب شخصية أو امتيازات أو مناصب من وراء نشاطها السياسي.  وإنما ضحت وما زالت تضحي في سبيل إقامة النظام الديمقراطي الذي يوفر المساواة بين الجميع ويضمن الحريات ويحترم حقوق الإنسان بطريق سلمي وتدريجي وآمن.  وهل يعقل أن نشكك بمن أمضى سنين شبابه في السجون وفضل العيش فقيراً محروماً باختياره طريق رفض الظلم والاستبداد،  في الوقت الذي تدفع السلطة بسخاء لشراء الضمائر وكسب الموالين… أليس من الأجدى والأكثر أماناً لمن يريد أن يرتزق من السياسة أن يكون عميلاً أو موالياً للسلطة من أن يكون عميلاً للخارج.  ومع الأسف، إن ألاعيب عزل المعارضة عن الخارج قد انطلت على الكثيرين ليس فقط من بعض أطياف المعارضة وإنما أيضاً على الكثيرين من أبناء شعبنا الطيبين .

•             بصفتكم نائباً سابقاً وعضواً في إعلان دمشق حاليا، كيف تتعاملون مع محاولات عزلكم عن العالم الخارجي؟

– من بداية دخولي إلى مجلس الشعب أقمت علاقات ودية مع أغلب السفراء العرب والأجانب. وهذا ما أتاح لي فرص لقاء الوفود البرلمانية والرسمية التي تزور دمشق، ونسج علاقات صداقة مع الكثيرين. وهذه السياسة استمرت حتى بعد خروجي من السجن لأنني أؤمن بأن الصفة التمثيلية للنائب المنتخب لا تسقط بانتهاء الدور التشريعي، وهذا متعارف عليه في جميع دول العالم بما فيها سورية. حيث نرى أن رئيس الجمهورية يستقبل العديد من رجالات السياسة في لبنان بصفة نائب سابق مثل سليمان فرنجية وتمام سلام ونجاح واكيم وغيرهم. ومن هذا المنطلق  كانت لقاءاتي مع العديد من الوفود الأوروبية والأمريكية وباقي دول العالم، وكان آخرها لقائي مع وفود الكونغرس الأمريكي في الأسبوع الماضي، والتي تمت بدعوة من الجانب الأمريكي بصفتي عضواً سابقاً في مجلس الشعب وأحد أطراف قوى المعارضة الديمقراطية في سورية.

•             لكن ما هو الدافع الحقيقي وراء طلب تلك الوفود للقائكم وآخرين كمعارضين سوريين؟

– اعتقد أن الدافع  يندرج ضمن التقاليد الديمقراطية التي تؤكد على معرفة الرأي الآخر الذي أمثله  كمعارض علني للسلطة الحاكمة في سورية. وكان مهما بالنسبة لهم الوقوف على وضع المعارضة  السورية ووضع المعتقلين السياسيين  وقضايا حقوق الإنسان.

• هل تلقيتم من الوفود الأمريكية التي التقيتموها أية وعود بتقديم مساعدات مادية أو سياسية للمعارضة السورية ؟

– المعارضة السورية ليست بحاجة إلى أي دعم أو مساعدات مالية ومادية، وهذا موقف معلن وواضح للجميع. أما على الصعيد السياسي، فإن أحد أهم الوعود التي تلقيتها كان التأكيد على أن أي تقارب مع النظام إذا حصل خلال القادم من الأيام فإنه لن يكون على حساب حقوق ومصالح الشعب السوري. كما عبرت الوفود عن رغبتها برؤية سورية تنعم بنظام ديمقراطي ووعدت ببذل المزيد في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في سورية والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

•             وأنتم من جانبكم، ماهي القضايا التي أثرتموها مع هذه الوفود؟

– تركزت أحاديثي مع الوفود على النقاط التالية :

أولا، إن أي محاولة لاستعمال القوة العسكرية لإسقاط النظام مرفوضة من كل فئات المجتمع السوري، كما أن أي حصار اقتصادي يُفرض على سورية مرفوض لأن المتضرر الوحيد منه هو الشعب السوري، بينما يمكن للسلطة أن تتعايش مع الحصار كما علمتنا تجربة العراق قبل سقوط صدام حسين.

 ثانيا، إن إسرائيل هي دولة محتلة  للجولان السوري واعتدت وما زالت تعتدي على حقوق الفلسطينيين الذين يربطهم بالشعب السوري رباط الأخوة ويقيم مئات الألوف منهم كلاجئين في سورية، وإن دعم وتحيز الإدارة الأمريكية الحالية والإدارات السابقة لإسرائيل والسكوت عن انتهاكاتها لحقوق الشعب الفلسطيني، من احتلال لأراضيه و إقامة الجدار العازل والحواجز والحصار وتحويل حياة الفلسطينيين في الضفة والقطاع إلى جحيم لا يطاق، ولسكوت الإدارة الأمريكية عن همجية إسرائيل في حربها المدمرة على لبنان في الصيف الماضي، كل ذلك أجج وما زال مشاعر العداء لأمريكا في أذهان السوريين وشعوب المنطقة،  وجعل من أمريكا شريكاً لإسرائيل يتحمل كامل المسئولية.

ومن هذا المنطلق فإنني قد أكدت على أن إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وإعادة الجولان إلى سورية هو مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم, مثلما هو السبيل لقطع طريق العنف والإرهاب ومتاجرة الأنظمة الاستبدادية بالمسألة الوطنية.

النقطة الثالثة، عبرت فيها عن ثقتي بأن المجتمع السوري وقواه المعارضة الديمقراطية، لن تذهب إلى ما يحاول النظام إشاعته من فراغ سياسي وحرب أهلية أو سيطرة للتيارات المتطرفة على إدارة البلاد، مما يبرر ضرورة بقاءه في السلطة  بمباركة من المجتمع الدولي إذا ما أُريد للمنطقة الاستقرار. وقد أكدت وجهة نظري أن الخيار الحقيقي للشعب السوري هو الانتقال إلى بناء دولة ديمقراطية في سورية بشكل سلمي وتدريجي وآمن، وان هذا الخيار ليس حلما بل يملك الكثير من الشروط الموضوعية لنجاحه في حال توفر للشعب السوري  فرصة التعبير عن إرادته بالوسائل الديمقراطية كحرية التعبير والتجمع والتظاهر والاعتصام والتي لا بد أن تدفع النظام لقبول البدء بإصلاح سياسي حقيقي يشارك فيه جميع السوريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم.

رابعا، أن السلطة الحاكمة في سورية تسعى على الدوام لإبعاد الشعب السوري عن ممارسة حقه في المشاركة السياسية والاستئثار باتخاذ القرار مما يمكنها من عقد الصفقات مع العالم الخارجي والتي كانت دائماً على حساب مصالح الشعب السوري ولخدمة استمرار هيمنتها واحتفاظها بالسلطة والاستئثار بكل مقدرات البلاد. إن تواطؤ الغرب وبخاصة بعض الإدارات الأمريكية في مشاركة السلطة هذه الصفقات  يفاقم مشاعر السخط والغضب الشعبي على الغرب بشكل عام وعلى الولايات المتحدة  بشكل خاص، ويحملها جزءاً من مسئولية تكريس استمرار النظام الاستبدادي القمعي على مدى أكثر من أربعة عقود.

خامسا، إن قوى المعارضة الديمقراطية في سورية تسعى إلى إثبات وجودها كمدافع عن مصالح وطموحات الشعب السوري والمشاركة في صنع مستقبل سورية وكسب الاعتراف بها كمعارضة ديمقراطية مشروعة من قبل العالم الخارجي.

 والنقطة السادسة والأخيرة، تتمثل في أن مواصلة الحوار بين قوى المعارضة الديمقراطية في سورية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات السياسية في الغرب، بما في ذلك أعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي كممثلين للشعب الأمريكي، هي ضرورة من أجل التعاون في البحث عن أفضل الوسائل الممكنة لإعادة العلاقة الطبيعية المبنية على تلاقي مصالح الشعب السوري والشعوب الغربية،  وهذا يتطلب اعترافا من تلك المنظمات والمؤسسات بمشروعية قوى المعارضة الديمقراطية في سورية.

 شفاف الشرق الاوسط