تجربتي في مجلس الشعب: أوهام الديموقراطية في ظل الاستبداد (3)

على هامش الانتخابات التي تجري راهناً وجدت انه من الضروري والمفيد عرض تجربتي الخاصة في مجلس الشعب وما عانيته وكابدته في سياق دفاعي عن حقوق الناس وعن وطن متطور ومزدهر وخالٍ من القهر والفساد، عسى أن تشكل معيناً لكل الراغبين في التصدي للهموم العامة وتكشف واقع هذه المؤسسة وشكلية دورها.

نهاية الربيع

في 11/2/2001 تم استدعائي من قبل رئيس مجلس الشعب للاستفسار عن بعض الجمل والعبارات الواردة في ورقة السلم الاجتماعي، وطلب مني توضيحاً خطياً بهذا الشأن، قدمته له في اليوم التالي.

بعد ثلاثة أيام وبتاريخ 14/2/2001 طلب المحامي العام في دمشق من رئيس مجلس الشعب اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنحه الإذن بملاحقتي أصولا بناء على الأمر العرفي رقم 30 تاريخ 14/2/2001 الصادر عن نائب الحاكم العرفي. يلاحظ هنا توخي السرعة والتعجل في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لرفع الحصانة عني قبل يوم واحد من افتتاح الدورة التشريعية للمجلس. (حيث يحق لرئيس المجلس وحسب المادة 21/ أ رفع الحصانة في فترة عدم انعقاد دورات المجلس في حال الجرم المشهود). وعلى الرغم من عدم توفر حالة الجرم المشهود، وعدم الحاجة والضرورة للاستعجال، لان دورة المجلس ستنعقد حتماً في اليوم التالي، إلا أن رغبة السلطة بعدم إعطاء فرصة لمناقشة طلب رفع الحصانة خلال الجلسات، جعلها في عجلة من أمرها لإنجاز كل الترتيبات في يوم 14/1/,2001 وهذا ما تم فعلاً. وعندما انعقد المجلس في اليوم التالي وقبيل انتهاء الجلسة، تلا رئيس المجلس قراره بالموافقة على رفع الحصانة عني، وختم الجلسة دون إفساح المجال لأي نقاش.

مثلت أمام قاضي التحقيق الأول بدمشق بالدعوة رقم 971/,2001 وقد أبلغني أنه استناداً إلى ما ورد في ورقة حركة السلم الاجتماعي وجه إلي تهماً بجرم الاعتداء الذي يستهدف تغيير الدستور بطرق غير مشروعة، وإثارة النعرات المذهبية وتشكيل جمعية سرية لأغراض مخالفة للقانون وتولي منصب رئيسها، وعقد اجتماعات مخالفة للقانون، وقد استند في هذه التهم الاربع على فقرات وردت في الورقة على النحو التالي:

«تهمة الاعتداء الذي يستهدف تغيير الدستور بطرق غير مشروعة»: فهي بسبب اقتراحي التالي: «انتخاب جمعية تأسيسية تعمل على صياغة دستور جديد للبلاد ينسجم مع الاحتياجات الراهنة والمستقبل المنظور يطرح على استفتاء شعبي».

«إثارة النعرات المذهبية»: فقد استندت إلى الفقرة التالية: «يمتاز الشعب السوري بتعددية عرقية ودينية لكون سوريا مهداً للأديان السماوية والحضارات القديمة. كما أنها كانت على مدى التاريخ حضناً وملاذاً لمهاجرين لجأوا إليها هاربين من ظلم لحق بهم في بلدانهم، أو طلباً للعيش الهانئ والرزق الوفير لكثرة خيراتها ورحابة صدر أهلها. فنتج عن ذلك لوحة فسيفسائية جميلة تنوعت ثقافاتها وأنتجت أجيالاً متآلفة، تمتعت بالإبداع والحيوية والتنوع الحضاري. وكي يبقى هذا التنوع ميزة إيجابية ومصدراً من مصادر قوة الشعب السوري، يتوجب علينا الحفاظ على جمال تلك اللوحة من خلال علاقات متوازنة توفر لكل فئة المناخ الضروري الذي تتألق فيه خصوصياتها وميزاتها التي هي مبعث افتخارها، فتساهم في إغناء وتطوير الوطن المشترك الذي يشكل الإطار المقدس الذي يحتضن كل الفئات».

«تهمة تشكيل جمعية سرية»: فتستند إلى طرح ورقة حركة السلم الاجتماعي والتي جاء في مقدمتها وبشكل بارز «مبادئ أولية للحوار».

«تهمة عقد اجتماعات مخالفة للقانون»: تعود إلى «لقاءات منتدى الحوار الوطني التي كانت تقام في منزلي وهي لقاءات مفتوحة للجميع بمن فيهم أعضاء حزب البعث ورجال الأمن».

برغم تقديم التوضيحات، بقي الملف مفتوحاً بغية ترهيبي وثنيي عن متابعة نشاطي السياسي سواء في حركة السلم الاجتماعي أو في جلسات منتدى الحوار الوطني.

ومن جانب آخر جرى في اليوم التالي لمحاضرة الدكتور زيادة، الإعلان عن شروطٍ لتقييد نشاط المنتديات ومن ثم وقفها نهائياً، إذ طُلِبَ من المسؤولين عن تنظيم هذه المنتديات تقديم اسم المحاضر ونص المحاضرة وأسماء الحضور إلى غير ذلك من المعلومات قبل 15 يوماً من موعد المحاضرة، ثم الانتظار حتى الحصول على الموافقة. الأمر الذي عنى حقيقةً وقف نشاط المنتديات عبر توجيهٍ من شعبة الأمن السياسي. وترافق ذلك مع تعميمٍ من القيادة القومية لحزب البعث الحاكم اتهمت فيه المثقفين السوريين بأنهم «عملاء ومرتبطون بالخارج»، وقام أعضاء القيادة القطرية بجولة على المحافظات السورية للتحذير من الأطروحات التي تدعو إلى «المجتمع المدني»، والتي رأى فيها عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية دعوة «لجزأرة سوريا». وعلى أثر هذه التقييدات توقف نشاط المنتديات، باستثناء «منتدى جمال الأتاسي للحوار الديموقراطي».

وبرغم ذلك تقّدم «منتدى الحوار الوطني» بطلبٍ للترخيص إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 3/5/,2001 وجاء رد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سريعاً بعد خمسة أيام فقط من تقديمه بردّ الطلب ورفض الترخيص بحجة أن ذلك ليس من اختصاص الوزارة و«لا تنطبق عليه النصوص القانونية المعتمدة» كما جاء في ردِّ الوزارة. كما رفض طلب التظلم لنفس الأسباب. خلال هذه الفترة شاركت في تأسيس جمعية حقوق الإنسان في سوريا والتي انتخبتني عضواً في مجلس إدارتها، وانتخبت هيثم المالح رئيسا لها.

قضايا ساخنة

لم تمنعني كل هذه التعقيدات والصعوبات من طرح قضايا حساسة في مجلس الشعب كان أهمها:

أولاً ـ المطالبة بكسر الاحتكار السياسي:

عرضت بتاريخ 7/11/2000 وبحضور رئيس وأعضاء مجلس الوزراء مداخلة لمست أنها قد أثارت عاصفة في قاعة المجلس. وبعد أن أوضحت عدداً من الشروط التي يجب توفرها لتحقيق الإصلاح الاقتصادي والإداري، تابعت: «إنه من العبث ومضيعة للوقت، أن نظن أن تحقيق ذلك ممكن بمعزل عن الإصلاح السياسي، حيث أن كسر الاحتكار السياسي هو شرط لازم لتطبيق مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص، ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، وأن يكون القانون فوق الجميع، وإيجاد الآليات الضرورية للمراقبة والمحاسبة. لأنه من البديهي أن أي احتكار لا بد أن يولد العقم ويوقف التطور والنمو. كما أنه لا يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة، حيث أن الاحتكار السياسي يُنتج بالضرورة الاحتكارات الأخرى الاقتصادية والثقافية والإعلامية، ما يؤدي في النهاية إلى عدم قدرة المجتمع ككل على تجديد نفسه بما يتوافق مع المعطيات المتجددة التي تفرضها المتغيرات الداخلية والخارجية.

لا بد للنمو الطبيعي لأي مجتمع من توفر التوازن الذي يضمن عدم طغيان مصالح أي فئة على حساب الفئات الأخرى. وأثبتت تجارب كل الدول، على أن تحقيق ذلك التوازن مشروط بوجود مؤسسات المجتمع المدني، المستقلة عن مؤسسات الدولة والتي تكمل دور تلك المؤسسات وتحرضها على تحسين أدائها، وتستطيع من خلال الأنظمة والقوانين والحوار السلمي، أن تدافع عن حقوق المنتسبين إليها». لقد تمت مقاطعتي خلال تقديم المداخلة أكثر من مرة، ولكني أصررت على قراءتها كاملة. وخلال مداخلتي علا صراخ عدد من الأعضاء البعثيين وقاطعوني أكثر من مرة، وصار بعضهم يلوم رئيس المجلس على إتاحة المجال لي لتقديم آرائي كاملة بينما وجه بعضهم الآخر الشتائم النابية. وساد القاعة جو من الفوضى عندما انبرى بعض زملائي للدفاع عني، وقدم رئيس مجلس الوزراء مصطفى ميرو اقتراحاً بشطب كامل المداخلة من محضر الجلسة، وهذه سابقة لم تحصل من قبل. ما اضطر رئيس المجلس إلى إيقاف الجلسة لمدة 15 دقيقة، ودعا إلى اجتماع حزبي في مكتبه. ثم عاد ليبلغ المجلس بأنه قرر شخصياً وبحكم صلاحيته بأن يشطب كامل المداخلة وكأنها لم تكن. لكن كعادتي وزعت في اليوم التالي نسخاً من المداخلة على جميع أعضاء المجلس، كما أوضحت حقيقة ما جرى في منتدى الحوار.

ثانياً ـ قضية الخيوط الصنعية:

بطلب من الحكومة السورية، قامت وكالة التعاون الدولي اليابانية (الجايكا) بإجراء مسح ميداني للصناعات النسيجية. استغرقت الدراسة 11 شهرا. وفي تشرين الثاني ,1997 قدمت الجهة الدارسة ملخصاً عن التقرير النهائي، يتضمن عدداً من النصائح والمقترحات بهدف زيادة الصادرات من المنتجات النسيجية التي تستعمل الخيوط الصنعية ومن هذه النصائح:

  1. الاستفادة الكاملة من مزايا البلاد الأساسية، وهي رخص كلفة الإنتاج، وذلك بحياكة النسج الصناعية المستوردة وتحويلها إلى ألبسة معدة للتصدير بعد إدخال قيم مضافة عالية وتوفير فرص عمل
  2. الاستفادة من تصدير الملابس المصنعة من النسج الصناعية المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي والدول العربية المجاورة

في منتصف تشرين الأول ,2000 صدر قرار عن رئاسة مجلس الوزراء يقضي بمضاعفة الرسوم الجمركية على كل المستوردات من الخيوط الصنعية، وكانت تلك الرسوم قد تضاعفت قبل ذلك بتاريخ 5/8/,1999 أي أنها بعد الرفع الثاني أصبحت أربعة أضعاف ما كانت عليه. وبحكم خبرتي الطويلة في هذا المجال وصلاتي الوثيقة بأصحاب منشآت الصناعات النسيجية في القطاع الخاص، فإن الصورة كانت واضحة لي بأن القرار يشكل جريمة لا تغتفر بحق الصناعة الوطنية، وسيؤدي إلى توقف الكثير من المصانع أو خفض طاقاتها الإنتاجية. ما يستتبع تسريح آلاف العمال إضافة إلى خسارة الصناعات النسيجية قسما كبيرا من أسواقها في الخارج، حيث يجعل ذلك قدرة بضائعنا على المنافسة في الخارج شبه معدومة.

قبل صدور مضاعفة الرسوم للمرة الثانية، كنت أبذل كل الجهود الممكنة لتصحيح الخطأ وإعادة الرسوم إلى ما كانت عليه تلافياً لما لحق بالصناعات النسيجية من أضرار. وبدلا من عودة الحكومة عن خطئها كما كنت أتوقع، فوجئت بمضاعفة الرسوم للمرة الثانية. فبادرت على الفور بجمع المعلومات والوثائق في مذكرة قدمتها في 23/10/,2000 بعد أن ترددت إشاعات تفيد بأن رئيس الوزراء شريك في شركة لصنع الخيوط هي الأكبر في سوريا على الإطلاق، تنتج 50 طنا في اليوم. حيث تقوم بعمليات تحويلية بسيطة على ما تستورده من مواد أولية، وهي الأكثر انتفاعاً من هذا القرار. وفي دراسة تفصيلية من 26 صفحة وزعتها في مجلس الشعب بتاريخ 30/11/,2000 تبين بشكل دقيق أن الارباح الاضافية السنوية التي سوف تجنيها هذه الشركة من انعكاسات القرار الجديد تحديداً تصل إلى 157 مليون ل.س نتيجة رفع أسعار منتجاتها فور صدور القرار بنفس نسبة الرسوم الجمركية الإضافية والمماثلة لإنتاجها من الخيوط. وتقول الشائعات إن رئيس الحكومة قد حصل على 50 مليون ل.س من بعض كبار مصنعي الخيوط مقابل إصداره هذا القرار.

لست بصدد تصديق ذلك أو تكذيبه، وإنما جاءت مداخلتي في المجلس وبالأرقام الدقيقة والمأخوذة من إحصاءات وزارة الصناعة وغرفة صناعة دمشق لتبين فداحة الضرر الذي سوف يسببه ذلك القرار المدمر. إذ جاء في سياقها طلب تشكيل لجنة من المجلس تدرس بشكل ميداني هذه المشكلة.

تمت الموافقة على تشكيل لجنة من سبعة أعضاء، كنت واحداً منهم. أما الباقون فكلهم من البعثيين المقربين من رئيس المجلس ورئيس مجلس الوزراء. وبعد زيارة ميدانية شكلية قدم لي رئيس اللجنة تقريرها الذي سيقدم إلى المجلس لأوقعه. كان التقرير مليئاً بالمغالطات ومؤيدا لرئيس مجلس الوزراء. فسجلت على نسخة التقرير المقدمة لي رفضي الكامل لكل ما جاء فيه، مما جعل عرضه على المجلس بهذا الشكل متعذراً وموضع إشكال. وبقي في حوزة رئيس المجلس دون أن يرى النور، ودون أن يعرض على المجلس حتى دخلت السجن في 6/9/.2001

ثالثا ـ قضية الخلوي:

بعد خمسة أيام من توقيع العقود وبتاريخ 17/2/2001 وجه الزميل مأمون الحمصي أسئلة حول عقود الخلوي، وطلب حضور الحكومة للرد عليها. مما لفت انتباهي لهذه القضية وبدأت على الفور جمع المعلومات والوثائق المتوفرة. فوقفت على حجم وخطورة تلك الصفقة التي تعتبر من كبريات عمليات الاحتيال على خزينة الدولة. حضرت الحكومة للرد على الزميل الحمصي في 26/3/.2001 وبعد أن قدم وزير المواصلات تقريراً يؤكد نزاهة العقود وقانونيتها وفوائدها الكبيرة للمصلحة العامة، أعلن رئيس المجلس إقفال باب النقاش وطي الملف. لكن اضطر رئيس المجلس لعدم إغلاق الملف نتيجة إصراري مع عدد من الأعضاء على ترك باب المناقشة مفتوحاً، وإثر تقديمي مداخلة شفهية، بينت فيها أن ما يضيع على خزينة الدولة في هذه الصفقة الاحتكارية يزيد عن 200 مليار ل.س، وأنني أملك الوثائق التي تدعم ذلك.

بعدها زرت مكتب وزير المواصلات من أجل مساعدتي في الحصول على وثائق الخلوي، فنصحني بالابتعاد عن هذه القضية لخطورتها، وحذرني من وجود نية بسجني والدكتور عارف دليلة إذا ما أصررنا على متابعة الحديث عن هذا الموضوع. وهذا ما أكد شكوكي حول الشبهات التي تكتنف تلك الصفقة. وفي اليوم الاول من عودة المجلس للانعقاد في 15/5/,2001 طالبت بتشكيل لجنة للتحقيق في هذا الموضوع، وأيدني في ذلك أكثرية أعضاء المجلس. ومن أجل حشد مزيد من التأييد من قبل زملائي في المجلس، بادرت إلى إنجاز مذكرة من 6 صفحات تحت عنوان «لماذا التعتيم على عقود الخلوي» وزعتها على كبار المسؤولين وعلى زملائي في مجلس الشعب، وطلبت نشرها في جريدة تشرين، لكن ذلك لم يتحقق.

جاء رد الحكومة بشكل غير مباشر في صحيفة الدومري على لسان خبير مع إغفال الاسم بتاريخ 11/6/,2001 مليئاً بالمغالطات. وقد وردت فيه الفقرة التالية: «وكي لا نطيل الرد، يكفي أن نذكر أن الرقم 201 مليار ل.س الذي يدعي سيف أنه سيفوت على الدولة، هو مطابق تماماً للمبلغ الذي ستدفعه الشركة كضريبة دخل على الأرباح الحقيقية بمبلغ 350 مليار ل.س الذي يفترض سيف أن الشركة ستربحه، إذ نسي تماماً أن العقد يتضمن أن تدفع الشركة ضريبة أرباح دخل تصاعدية».

بتاريخ 11/6/,2001 حضر رئيس مجلس الوزراء للرد على سؤالي الخطي، وقدم اقتراحاً بإحالة الموضوع إلى لجان المجلس. وتم تكليف لجنتي القوانين المالية والخدمات بدراسة الموضوع. وبتاريخ 23/6/2001 اجتمعت اللجنة المشتركة وحضر المدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات مصطحباً نسخة من الوثائق المتعلقة بالعقود، تحوي مئات الصفحات ومعظمها باللغة الإنكليزية، سلمها لرئيس اللجنة مؤكداً على اعتبارها وثائق سرية يحظر تداولها. وتحت إصرار أعضاء اللجنة على توزيع نسخ من الوثائق على أعضائها تمت الموافقة على ذلك. وكان هذا قبل أربعة أيام من انتهاء الدورة التشريعية.

لقد كان حرص رئيس المجلس ووزير المواصلات على إنجاز تقرير اللجنة قبل العطلة واضحاً، وكان من أهم ما أكده الوزير، هو أن التصديق النهائي للعقود لم يتم بعد. ونجحت اللجنة في تمديد المهلة الممنوحة لإنجاز عملها إلى الدورة التالية. وحاولت في تلك الفترة وسائل الإعلام الرسمية تكذيب ما كنت قد قدمته من معلومات وأرقام، وعندما طلبت من وسائل الإعلام نفسها نشر ردي على ما أوردته بهذا الشأن كان الجواب بالرفض دائماً. في منتصف آب 2001 أنجزت دراسة شاملة تحت عنوان «صفقة عقود الخلوي» موجهة لأعضاء مجلس الشعب، ووزعتها على عناصر الحكومة. وبعد أيام التقيت أحد كبار موظفي شركة 94 (إحدى شركتي تشغيل الخلوي في سوريا) الذي أبلغني أنه قرأ دراستي بعناية شديدة وأكد لي صحة كل ما ورد فيها. بتاريخ 14/8/2001 علمت أن المؤسسة العامة للاتصالات والشركات المشغلة دعت إلى مؤتمر صحافي في فندق الشيراتون. فحضرت دون أن أكون من المدعوين. وكان على رأس الحاضرين تسعة من زملائي في المجلس، جاؤوا لدحض كل ما قدمته من معلومات حول موضوع الخلوي