اجتماع موسّع للمعارضة السورية في الدوحة

تنطلق اليوم الأحد في العاصمة القطرية الدوحة الاجتماعات الموسّعة للمعارضة السورية بمختلف أطيافها. وبينما يُرتقب أن يناقش المجتمعون مستقبل تمثيل المعارضة، قرّرت هيئة التنسيق الوطنية مقاطعة مؤتمر الدوحة لأنّه سيكون “سبباً لزيادة الفرقة والتشرذم”.

وأولى اجتماعات المعارضة سيكون للهيئة العامّة للمجلس الوطني، حيث يتوقع الموافقة على لائحة الأعضاء الجدد الذين سينضمّون للمجلس الوطني من أجل توسيعه إلى 420 شخصية سورية معارضة بدلاً من نحو 150 وهو العدد الحالي.

ويوم الثلاثاء المقبل، ستكون الدوحة مع اجتماع كامل أعضاء الهيئة الجديدة والتي ستنظر في تقارير مالية وإدارية وسياسية قام بها المجلس للمصادقة عليها، على أن تتفرّغ بعد ذلك إلى مناقشة النظام الأساسي للمجلس، ثمّ إجراء انتخابات لاختيار أعضاء الأمانة العامة للمجلس، ثم انتخابات أخرى لاختيار أعضاء المكتب التنفيذي، تليها في نهاية المطاف انتخابات لاختيار الرئيس الجديد للمجلس.

وقالت صحيفة الشرق الأوسط إنهّا علمت أنّ 3 أسماء جدّية مطروحة للرئاسة في مقدّمها الرئيس الحالي عبد الباسط سيدا، والسابق برهان غليون، وصاحب مبادرة التوحيد رياض سيف. وأشارت مصادر متابعة إلى أنّ سيدا هو الأوفر حظاً على الراجح، مشيرة إلى أنّ انتخاب سيف إذا حصل سيؤثر على شكل التركيبة الجديدة التي سوف تحصل في اجتماعات المعارضة اللاحقة.

ومن المقرر أن يجتمع ممثّلون عن المعارضة السورية يوم الخميس للبحث في مبادرة التوحيد، وسيكون رئيس الحكومة السورية المنشق رياض حجاب حاضراً في هذه الاجتماعات.

واعتبر عضو مكتب العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني السوري عبد الرحمن الحاج، أنّ هناك مشاكل بنيوية تواجه المجلس سيسعى لعلاجها خلال اجتماع الدوحة. وأوضح للجزيرة أنّ المجلس سيسعى إلى “ترسيخ الديمقراطية الداخلية وإعادة تشكيل هيئاته”.

من جانبه قال المعارض السوري كمال اللبواني إنّ المجلس الوطني غائب عن الثورة بطريقة عمله الحالية، وأكّد أنّ الثورة بحاجة إلى “فئة أخرى متماسكة وقادرة على إدارة الصراع بشكل أفضل”.

واعتبر اللبواني في تصريح للجزيرة أنّ المجلس “أصبح عائقاً وأداة تعطيل”، وأنّ “العالم غيّر من نظرته للمجلس، وهو الآن مع المبادرة التي أطلقتها مجموعة من المعارضين وهدفها إنشاء قيادة سياسية جديدة للمعارضة”.

مقاطعة

في المقابل أعلنت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي عدم مشاركتها في مؤتمر الدوحة. وقال بيان صادر عن الهيئة إنّ الدعوة إلى المؤتمر “ينقصها التحضير الجيد والمشاركة المسبقة في الإعداد”، مشيراً إلى أنّ المؤتمر “لن يكون خطوة بنّاءة في عملية توحيد المعارضة بقدر ما سيكون سبباً لزيادة الفرقة والتشرذم”.

وقرّر المكتب التنفيذي للهيئة “عدم مشاركة الأحزاب والشخصيات المنضوية في الهيئة بهذا المؤتمر”، معتبراً أنّ الدعوة إلى عقده “لا تعبّر عن إرادة السوريين المستقلة”.

ورأى بيان الهيئة أنّه “من المناسب عقد هذا المؤتمر في القاهرة، على أن تدعى إليه كافة أطياف المعارضة السياسية وقوى الحراك وممثّلون عن المعارضة المسلحة الديمقراطية، تحت إشراف الجامعة العربية وبمشاركة المبعوث المشترك السيد الأخضر الإبراهيمي”.

وطالبت الهيئة بأن تكون مهمّة هذا المؤتمر “صياغة تصوّر تنفيذي يحقّق الغايات الوطنية للثورة السورية في قيام النظام الوطني الديمقراطي الذي يشمل جميع السوريين ويحقّق تطلّعاتهم نحو الحرّية والكرامة والديمقراطية”.

ويأتي اجتماع الدوحة بعد دعوة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء الماضي إلى تجاوز المجلس الوطني السوري وضمّ من قالت إنّهم “يقفون في خطوط المواجهة يقاتلون ويموتون”، مشيرة إلى أنّ المجلس يمكن أن يكون جزءاً من معارضة أكبر. ورفض المجلس دعوة كلينتون ورأى فيها “محاولة لإيذاء الثورة وزرع بذور الفرقة والاختلاف بين مختلف أطيافها”.

هيئة المبادرة

وخلص اجتماع احتضنته العاصمة الأردنية عمان يوم الخميس الماضي إلى تشكيل ما سمّي بهيئة المبادرة الوطنية التي تهدف إلى إنشاء قيادة سياسية جديدة للمعارضة السورية قبل إعلان حكومة مؤقتة في المنفى.

وحضر لقاء عمان 25 شخصية بينها رياض سيف الذي دعا إلى الاجتماع ورئيس الوزراء المنشق رياض حجاب وكمال اللبواني وممثّل جماعة الإخوان المسلمين في سورية علي صدر الدين البيانوني.

ووفقاً لمحمد العطري المتحدث باسم رياض حجاب، فإنّ النائب السوري السابق رياض سيف سيعلن خلال اجتماع الدوحة عن المبادرة الوطنية السورية.

وأوضح أنّ المبادرة “عبارة عن إنشاء جسم سياسي جديد للمعارضة السورية يكون ممثلاً لجميع شرائح المعارضة، ويتكوّن من المجلس الوطني (الأعضاء الـ14) والمجلس الوطني الكردي (3) والمجالس المحلية التي تعنى بتنظيم الشؤون في الداخل، والمجالس الثورية في الداخل، والشخصيات السياسية والتاريخية، وهيئة علماء المسلمين ورابطة علماء المسلمين”.

وأشار العطري إلى أنّ “مشاورات ستجري لمعرفة ما إذا كانت هذه المبادرة ستشكّل جسماً بديلاً عن المجلس الوطني أو ائتلافاً جديدا”.

دعم تركي للمجلس الوطني

وفيما بدا أنّه “جرعة دعم” تركية للمجلس الوطني، عقد أمس لقاء مفاجئ في أنقرة بين وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ورئيس المجلس عبد الباسط سيدا وعدد من ممثلي المعارضة السورية قبل استعداداتهم للاشتراك في قمة قطر لإعداد هيكل جديد للمعارضة السورية تحت سقف واحد.

وقالت وسائل إعلام تركية إنّ داود أوغلو جدّد خلال لقائه مع ممثلي المعارضة السورية تأكيده على ضرورة توحيد صفوفهم تحت سقف واحد، لافتاً إلى أنّ الشعب السوري هو المسؤول الوحيد عن تحديد مصيره.

وبينما قالت مصادر سورية إنّ الوزير التركي “كان متفهما” لموقف أعضاء المجلس من مبادرة سيف، شدّد سيدا على أن الشعب السوري هو من يقرّر من يمثله، معرباً عن شكره للدور الذي تقوم به تركيا بدعم الشعب السوري، مؤكداً استمرار العلاقة مع الولايات المتّحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

وأوضح سيدا أنّ الاجتماع الذي ستعقده المعارضة، في العاصمة القطرية (الدوحة) بعد يومين، سيشارك فيه المجلس الوطني، إضافة إلى مختلف أطراف المعارضة، مبيّناً أنّ المعارضة ستخلص إلى بيان مشترك، ستعلن عنه في نهاية الاجتماع.

وانتقد سيدا تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي سبق وأن اعتبرت أنّ تأثير المجلس الوطني السوري ضعيف، بسبب عدم وجود أعضاء فيه من الداخل السوري، وفي هذا السياق قال سيدا، إنّ كلينتون أخطأت بهذا التصريح، لأنّ أعضاء المجلس الوطني معروفون جيداً لدى الجميع، لافتاً إلى أنّ “جورج صبرة”، هو أحد أعضاء المجلس الذين خرجوا مؤخراً من سجون النظام.

إلى ذلك، أوضح عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار أنّ اختيار قطر مكاناً لانعقاد مؤتمر المجلس المقبل كان “لأسباب أمنيّة”، مؤكّداً أنّ “الإدارة الأميركية لم تتدخل في المؤتمر ونحن فضّلنا قطر لأسباب أمنية ولأنّنا استطعنا توفير مبلغ مليون دولار”.

وشدّد نشار على أنّ “المجلس الوطني السوري يتبنّى خيارات الثورة ولن يقبل بأيّ هيمنة على القرار الوطني”، مؤكداً أنّه “صاحب قرار وطني ويبحث عن المصلحة السورية”، لافتاً إلى أنّه “لا يوجد مصالح إلا ويجب أن تتقاطع مع مصالح إقليمية ودولية لكن البحث يجب أن يتركز على المصلحة الوطنية”. وأكّد في المقابل أنّ “المجلس الوطني السوري لم يتلقَ أي مساعدة من أميركا”.

ولفت عضو المجلس الوطني السوري محمد سرميني إلى أنّ “الإدارة الأميركية تريد أن تغطّي فشلها في تقديم الدعم للشعب السوري وورقة الشعب السوري كورقة انتخابية لتقول إنّ لها اليد الطولى في الأزمة السورية في حين أنّها ليس لديها معلومات كافية وتستخدم وسائل الإعلام للضغط فقط”.

وقال سرميني: “كنّا قد طالبنا في كل المحافل الدولية بحظر جوّي وتدخّل عسكري لكن يبدو أنّ هناك رغبة أميركية في إطالة عمر النظام لتأمين مصالحها”، معتبراً أنّ “هناك خطّة واضحة لإطالة عمر النظام، ومن يدفع الثمن الوحيد هو الشعب السوري”.