إحاطة رياض سيف لعام 2006 حول الوضع الاقتصادي والسياسي
السياسة الداخلية:
- في 14 شباط 2006 اتخذ النظام قراره السياسي بالتضييق على المعارضة في الداخل و بدأ النظام حملته بما تعرضت له والذي تم شرحه في المذكرة وقد ابلغني اللواء فؤاد ناصيف شخصياً في حينه أن الأولوية السورية من الآن فصاعداً هي للقضايا الأمنية وأن قانون الطوارئ سيطبق بحرفيته الكاملة و هو يتيح للسلطة سجن أي معارض وحتى قتله.
- كما اتبعت الأجهزة الأمنية سياسة الترهيب و التخويف و العزل تجاه رموز المعارضة مضافا إليها سياسة الإفقار ( أو التجويع).
- قامت الأجهزة الأمنية بإبلاغ كافة رموز المعارضة بخطوطها الحمراء والمتمثلة:حظرالاعتصام بكافة أشكاله بأي ظرف وتحت أية ذريعة- منع التعاون مع جبهة الخلاص و الإخوان المسلمين – تحريم توجيه النقد إلى شخص رئيس الجمهورية.
- القيام بحملة اعتقالات في منتصف أيار طالت ميشيل كيلو و أنور البني و سليمان شمر و سبعة آخرين، وكان ميشيل كيلو و سليمان شمر من العناصر الفاعلة و المؤثرة في اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق، و أنور البني كان الأكثر ديناميكية و جرأة في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.
- كما أقدم النظام على اتخاذ إجراء جديد تمثل بفصل 17 موظف 13 منهم من الطائفة الدرزية لمجرد إعلان تأييدهم لإعلان بيروت – دمشق.
- كما لوحظ أن الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة بدأت تلجأ إلى دفع بعض البلطجية كيما يقوموا بالاعتداء الجسدي و على الممتلكات الخاصة بالعديد من رموز المعارضة السورية ( كالاعتداء الذي تعرض له البني وهو يهم بركوب سيارته قبل اشهر و الاعتداء الجسدي الذي تعرضت له فور خروجي من مدخل فرع الأمن الداخلي بتاريخ 16/7/2006
- في الأيام الأخيرة تم إبلاغ المعارضة عبر العديد من رموزها بحظر أي نشاط سياسي على الإطلاق, كما طلب من العديد منهم مراجعة فروع الأمن بشكل متكرر و ابتدأ من السبت 15/7 اجبرت شخصيا على التواجد اليومي و لعدة ساعات في فرع الأمن الداخلي.
الوضع السياسي
- بدأت المعارضة في الفترة الأخيرة تكثف وتركز نشاطها بالعمل من خلال إعلان دمشق الذي انضوى تحت مظلته عشرة من الأحزاب الكردية المعارضة و أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي و عددها خمسة ولجان إحياء المجتمع المدني و عدد من أحزاب المعارضة الأخرى بالإضافة إلى شخصيات اعتبارية مستقلة ، والإعلان يعمل بالتنسيق مع أطياف واسعة من قوى المعارضة في الخارج كما أن القوى المنضوية تحت مظلته كافة التيارات السياسية الليبرالية و القومية و اليسارية و الإسلامية.
- ولتعزيز وتفعيل نشاط وعمل قوى إعلان دمشق وبدعوة شخصية مني عقد في منزلي بتاريخ 26/6 اجتماع ل 32 مندوب من مختلف المحافظات كممثلين للأطراف المنضوية في إعلان دمشق في الداخل وفي جلستين صباحية ومسائية تم إقرار الهيكلية التي تنظم عمل قوى الإعلان و وضع الاستراتيجية لعمله في الداخل و الخارج.
- أهم النقاط في استراتيجية إعلان دمشق هي:
- استعادة حراك المجتمع السوري بإعادة السياسة إلى شارعه و عدم قصر هذا الحراك وحصره على النخبة من المثقفين و الناشطين السياسيين.
- العمل على توفير أجواء وإمكانيات عقد مؤتمر وطني يضم كافة أطياف و مكونات الشعب السوري السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية حتى يمكن هذا المؤتمر من قيادة المرحلة الانتقالية ما بعد سقوط النظام وملئ أي فراغ قد ينشأ بشكل مفاجئ في حال سقوط النظام وبهذا نتفادى حدوث أي فوضى أو حرب أهلية كما هو الحال في العراق.
توصيف حالة النظام:
– تكمن أهمية إعلان دمشق في كونه أكد على عدم صوابية الرهان على قدرة وصدق النية في أن ينجز النظام أي إصلاح سياسي أو اقتصادي حقيقي كون النظام بات يدرك إن أي خطوة باتجاه إلاصلاح السياسي سوف تؤدي إلى سقوط النظام بعد إن تردت المستويات المعيشية للأكثرية الساحقة من الشعب في الوقت الذي يستأثر فيه رموز النظام بمقدرات البلد الاقتصادية و بعد أن استفحل الفساد وخاصة الفساد الممارس من قبل المقربين من رأس النظام. وهذا أجج الاحتقان المجتمعي إلى أعلى درجاته,وعلى هذه الخلفية أكد الإعلان على القطع النهائي مع النظام.
– لقد أجهز النظام على كل مؤسسات الدولة وحول سورية إلى مجرد مزرعة خاصة باصحاب النفوذ والقرار. وبهذا عدمت أي إمكانية لسورية في أن تجد لها مكانا كدولة حديثة عضو في المجتمع الدولي قادرة على التعامل مع الأسرة الدولية كشريك طالما صودرت كل الحقوق الطبيعية للشعب السوري و حول إلى مجرد قطيع و اقنان عاجزا عن تحقيق أي نمو طبيعي يمكنه من تكلم لغة العصر والتعامل بندية مع الشعوب الأخرى.
– نتيجة فشل عهد بشار الأسد في إحداث أي إصلاح يشكل فعلي وعملي قام هذا العهد بوضع خطة لجذب وكسب الفئة المحافظة من الأكثرية السنية إلى جانبه . إذ يحاول التظام الظهور بمظهر المدافع عن الإسلام في وجه الحملة الصليبية وبدء بتنفيذ هذه الخطة مع الحملة على رسوم الكاريكاتير وذلك بهدف تأجيج المشاعر المعادية للغرب والتي توجت بحرق السفارتين الهولندية والدانمركية بتاريخ. مع العلم أن رموزا لنظام ابعد ما يكونوا عن تعاليم الإسلام.
– وفي مستوى آخر يسعى النظام لأخذ دور المدافع عن القضايا القومية العربية ونجلى ذلك بسعيه إلى عقد العديد من المؤتمرات للأحزاب والمنظمات العربية في دمشق و قد كان بذخ النظام و سخاءه في الصرف على إعداد هذه المؤتمرات وتوفير إمكانية عقدها جليا على الرغم من علمه أن كل تلك الأحزاب والمنظمات ليس لها أي وزن سياسي فاعل في مجتمعاتها .
– و النظام رغم تغنيه بالوحدة العربية فهو من أكثر الأنظمة قطرية وابعد ما يكون عن نصرة القضايا الحقيقية للشعوب العربية
– كما عمد النظام في السنة الأخيرة إلى فبركة عملية كشف خلابا إرهابية لتخويف المجتمع السوري والدولي من سيطرة الإسلام الأصولي على البلاد في حال انهار النظام ولإشعار المجتمع الدولي بأنه أيضا هو ضحية للإرهاب ويمكن أن ينضم للحملة الدولية على الإرهاب.
– وفي الجانب الطائفي يظهر جليا سعي النظام إلى إشاعة المخاوف في أوساط الطائفة العلوية من الحرب الطائفية في حال سقوط النظام ليضمن ولاء الطائفة ولإخافة الطوائف الأخرى في ذات الوقت .
الأزمة اللبنانية:
– من المهم الأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية:
1- العلاقة العضوية بين حزب الله والنظام السوري والإيراني هذه العلاقة التي تطورت كثيرا بعد خروج الجيش السوري من لبنان و بعد اغتيال الحريري وتحريك الملف النووي الإيراني حيث تحولت العلاقة بين هذه الأطراف الثلاثة إلى علاقة تحالف استراتيجي وثيق لتمكين النظامان في سورية وإيران من مواجهة ضغوط المجتمع الدولي الذي بات يدعو بشكل واضح إلى دمقرطة المنطقة في سياق حملته على الإرهاب وسعيه إلى كبح جماح التطرف الأصولي ووقف تدفق الهجرة الغير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي و ما يتطلبه ذلك من ضرورات إنعاش المنطقة اقتصاديا بما يتيح من فرص لتوفر شريك تجاري فعال للاتحاد الأوروبي .
وهذا ما أجمعت عليه مجموعة الثمانية التي اجتمعت في أمريكا العام الماضي .
ان هذه الاستراتيجية تتعارض مع مصالح الدولة العبرية التي تسعى لان تكون الديمقراطية الوحيدة في المنطقة كما تسعى لإبقاء المجتمعات في الدول المحيطة بها في مستنقع التخلف والضعف في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والتقنية . كما أنها معادية للسلام وغير قادرة على الوفاء باستحقاقاته وكل ذلك لتبقى اسرائيل تتنعم بالمساعدات والعطايا الأمريكية والغربية , وهذا ما أدركه النظامان الايراني والسوري فراحا يستغلان الوضع الناشىء عنه أيشع استغلال حفاظا على مصالحهما.
– إن أس و جوهر الصراع في كل المنطقة يتمثل بما لحق بالشعب الفلسطيني من ظلم فاضح مكن الأنظمة الاستبدادية والحركات الأصولية من استغلاله للإطباق على شعوب المنطقة والسيطرة عليها مستفيدين من تراكم الشعور بالذل نتيجة الانتصارات المتكررة للإسرائيلي ابتدءا من حرب 48 مرورا بنكسة ال67 واجتياح ال82 للبنان مع ازدياد العنجهية والصلف الإسرائيلي المقترن أيضا باستبداد الأنظمة وقهرها .
– إن انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيار عام2000 كتتويج لاتفاق نيسان في عام 1996 وبعد النجاحات التي حققها حزب الله جعل حزب الله يظهر بمظهر البطل الوطني الذي حقق الانتصار الوحيد خلال خمسون عاما من الصراع العربي الإسرائيلي
نماما مثلما أن انسحاب إسرائيل من غزة بعد غياب عرفات واجتياح شارون للضفة الغربية اعطي حماس مكاسب المنتصر على إسرائيل ومنحها التأييد الشعبي الكبير في الانتخابات الأخيرة
ان شعوب المنطقة المقهورة من إسرائيل والأنظمة وجدت في انتصارات حزب الله وحماس استعادة لكرامتها وأعطتها الأمل في إمكانية تحقيق المزيد من الانتصارات على دولة اسرائيل مؤجلة معركتها مع الأنظمة الاستبدادية إلى ما بعد تحقيق النصر على إسرائيل
– يستغل النظامان السوري والإيراني تلك المشاعر لشعوب المنطقة أفضل استغلال فإيران توظف تلك المشاعر لتمرير برنامجها الهادف اخذ دور إقليمي اكبر على حساب دور الدول العربية الرئيسية كمصر والسعودية والدور الأمريكي الأوروبي أما النظام السوري فان همه الوحيد البقاء في السلطة وإبعاد شبح الديمقراطية التي ما أن تتحقق حتى تحرمه من كل الميزات والاحتكارات التي يتنعم بها على مر العقود
– من المؤكد أن العمليات الحربيةاليوم في لبنان لم تنشب على خلفية تحرير الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل أو الأسرى الإسرائيليين لدى حزب الله بل نشبت كنتيجة طبيعية لوصول الصراع على النفوذ في المنطقة إلى ذروته ومن سوء حظ الشعبين اللبناني والفلسطيني ان يكونا ضحية لهذا الصراع و كبش فدائه دون أن يقترفا أي ذنب.
– إن الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق و سياستها المنحازة في فلسطين اضعف بشكل كبير توجه الديمقراطي وأجج مشاعر الكراهية لأمريكا وهذا مكن النظامان السوري والإيراني من استغلال تلك المشاعر لتوسيع دوائر الكراهية لتشمل كل العالم الغربي وقد تجلى ذلك واضحا في رد الفعل العنيف على نشر الصور الكاريكاتيرية للنبي محمد.
– ان فرصة تحقيق حل نهائي فابل للتطبيق والحياة تكمن فقط في قدرة المجتمع الدولي على توفير إمكانية قيام دولة قوية في لبنان تنجب حكومة قوبة قادرة على بسط سيطرتها ونفوذها على كامل الأراضي اللبنانية و تلقى الدعم المادي والمعنوي الذي يمكنها من إعادة بناء مؤسسات الدولة واعمار ما دمرته الحرب وتنفيذ خطة للإنماء المتوازن وتوقير تكافؤ الفرص فهذا وحده يلغي أي إمكانية لاستقطاب فئات من الشعب اللبناني المنكوب والمتضرر من قبل جماعات التطرف والعنف او التي تسعى لاستغلال الانتماءات الطائفية لتمرير برامجها التي تخدم قوى خارجية
– ان وجود لبنان دبمقراطي ينعم بالرفاه سوف يساعد بشكل كبير على تقديم نموذج ناجح يشع شعوب المنطقة على النهوض من غفوتها واقناعها بان النظام الديمقراطي هو الخيار الوحبد الذي يؤمن مصالحها على المدى البعيد.
إن أي نهاية للحرب القائمة تتمادى في إذلال حزب الله سوف يكرس الشعور بالإذلال لدى شعوب المنطقة ويجعلها أرضا خصبة لظهور أصوليات جديدة وتبعدها عن الإيمان بالحل الديمقراطي لذلك لابد من حفظ ماء وجه حزب الله بقبول تبادل الأسرى في الوقت الذي نمكن فيه الحكومة والجيش اللبناني من بسط السيطرة على كافة الأراضي اللبنانية ومساعدة حزب الله في التحول إلى حزب سياسي يأخذ دوره كغيره من الأحزاب على الساحة السياسية اللبنانية
أما النظام السوري فلا بد انه سيشعر بالضعف بعد خسارة رهاناته على حزب الله وقدرته على التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية وانفضاح متاجرته بمعانات الشعبين اللبناني والفلسطيني في الوقت الذي لايملك فيه أي استراتيجية سلما أو حربا لاستعادة الجولان المحتل منذ عام 1967 وعودة نصف مليون نازح إلى أراضيهم في الجولان وإنهاء معاناتهم حيث تعيش الغالبية الساحقة منهم في ظروف غير لائقة.